في ظل التقدم السريع للذكاء الاصطناعي، يحذر البعض من تأثيراته السلبية على صناعة الألعاب والإبداع بشكل عام. إذ يشير الخبراء إلى أن غياب التشريعات المناسبة قد يهدد ريادة بريطانيا العالمية في هذه الصناعات، خاصة في ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية. وهذا يضع عبئًا ثقيلًا على المبدعين، الذين سيضطرون لحماية أعمالهم في ظل تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى.
جهاز الألعاب “غراند ثفت أوتو 6” يتصدر المشهد
من ناحية أخرى، تعتبر لعبة “غراند ثفت أوتو 6” التي تطورها شركة “روكستار جيمز” نموذجًا للنجاح البريطاني على مستوى صناعة الألعاب. من المتوقع أن تحقق اللعبة إيرادات هائلة تصل إلى 3 مليارات دولار في عامها الأول، وهي ضعف ما حققه الجزء السابق من اللعبة، ما يجعلها أكثر من مجرد حدث ترفيهي. تبرز هذه اللعبة كدليل على تفوق بريطانيا في هذا القطاع، حيث يشرف أكثر من 2000 مطور ومبرمج على تطوير النسخة الجديدة في اسكتلندا وبلدان أخرى.
التحذيرات الحكومية وضرورة التشريعات
وفي هذا السياق، يُطلق نيك بول، الرئيس التنفيذي لاتحاد الترفيه التفاعلي البريطاني، تحذيرات من مخاطر الذكاء الاصطناعي على صناعة الألعاب. إذ يشدد على أن غياب التشريعات المناسبة لتنظيم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مثل GPT قد يضر بموقع بريطانيا الريادي في هذا المجال. ويرى بول أن الحكومة البريطانية بحاجة إلى استراتيجية شاملة لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، وليس مجرد ردود أفعال متأخرة.
التوجهات الحكومية في تنظيم الذكاء الاصطناعي
وفي محاولة للتعامل مع هذه التحديات، أطلقت الحكومة البريطانية استشارة حول حقوق الطبع والنشر والذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز التشريعات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى الإبداعي. إلا أن المراقبين يعبّرون عن قلقهم من وجود توجه توفيقي غير واضح، حيث يتم دعم الذكاء الاصطناعي من جهة وفي الوقت نفسه السعي للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية من جهة أخرى. ويشير بول إلى أن هذا النهج قد يعرقل الإبداع ويسمح باستخدام المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر دون ترخيص.
حقوق الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي
يُعدّ النظام الجديد في حقوق الملكية الفكرية محورًا رئيسيًا في هذا الجدل، حيث يتم التحول من نموذج “الموافقة المسبقة” إلى “الانسحاب الاختياري”، وهو ما يثير مخاوف من فقدان المبدعين السيطرة على أعمالهم. ويؤكد بول أن هذا التوجه لا يعزز الابتكار بل يزيد من الفوضى في حماية الحقوق، خاصة في ظل التحديات التقنية المستمرة.
الذكاء الاصطناعي المسؤول: خيار بريطانيا المستقبلي
فيما يخص هذا الوضع المعقد، يرى بول أن الحكومات قد تكون في موقف غير مريح، حيث يتعين عليها الاختيار بين دعم الابتكار في الذكاء الاصطناعي والحفاظ على حقوق المبدعين. ويقترح أن بريطانيا قد تحتاج إلى التركيز على “الذكاء الاصطناعي المسؤول” القائم على مبادئ أخلاقية ومستدامة، بدلاً من مجرد تسابق دولي لتطوير تقنيات قد تضر بحقوق الإبداع.
التحدي القادم: حماية الصناعات الإبداعية
اليوم، تتجه بريطانيا نحو خيار حاسم: حماية قطاع الألعاب والصناعات الإبداعية التي تدعمه، أو الانصياع لتطورات الذكاء الاصطناعي الذي قد يهدد هذا القطاع. يتعين على القادة البريطانيين، بمن فيهم كير ستارمر وفريقه، اتخاذ قرارات حاسمة لضمان توازن بين الابتكار وحماية حقوق الملكية الفكرية، كي تظل بريطانيا رائدة في هذا المجال التكنولوجي الحيوي.