الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek يتفوق على ChatGPT  بتكلفة منخفضة

إنجاز غير مسبوق في ظل العقوبات الأمريكية

تمكنت الصين من تحقيق تقدم لافت في مجال الذكاء الاصطناعي عبر نموذج DeepSeek، الذي تفوق على النموذج الأمريكي ChatGPT رغم التكلفة المنخفضة التي لم تتجاوز 6 ملايين دولار. والأكثر إثارة للدهشة أن تطوير هذا النموذج اعتمد على رقاقات إلكترونية خاضعة للعقوبات الأمريكية، مما أجبر واشنطن على إعادة النظر في استراتيجياتها لمنافسة الابتكار الصيني المتسارع.

تأثير الإطلاق على الأسواق العالمية

في غضون 6 أيام فقط من إطلاق النموذج الجديد، تصدر DeepSeek متجر التطبيقات، مما أدى إلى رد فعل قوي في وول ستريت. وقد شهدت الأسواق بيع أسهم تقنية بقيمة 2 تريليون دولار، فيما تراجع سهم شركة Nvidia المصنعة للرقائق المتقدمة بنسبة 16% في يوم واحد، مما يعكس القلق المتزايد بشأن الهيمنة الأمريكية في هذا المجال.

واشنطن في مواجهة الابتكار الصيني

عند إطلاق ChatGPT، كان التساؤل الأبرز: “هل سيؤثر هذا التطور على الصين؟”، لكن بعد عامين، ومع ظهور DeepSeek، تغير السؤال ليصبح: “هل تستطيع الولايات المتحدة إيقاف الابتكار الصيني؟”.

لطالما اعتقدت واشنطن أنها تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي، مما دفعها إلى فرض قيود صارمة على تصدير الرقائق المتقدمة والتكنولوجيا المتطورة إلى الصين. ومع ذلك، فإن إطلاق DeepSeek قد أثار القلق في وادي السيليكون، إذ أعلنت الشركة المطورة أن نموذجها القوي أرخص بكثير من الاستثمارات الأمريكية التي بلغت مليارات الدولارات في هذا المجال.

كيف تجاوزت الصين الحظر الأمريكي؟

فرضت الولايات المتحدة قيودًا على الشركات الرائدة في تصنيع الرقائق، مثل Nvidia، لمنع بيع التكنولوجيا المتقدمة للصين، حيث تعتبر هذه الرقاقات ضرورية لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي القوية. لكن مؤسس DeepSeek، ليانغ وينفينغ، كشف أن شركته استبقت الحظر بتخزين مخزون كبير من رقائق Nvidia، تتراوح تقديراته بين 10,000 إلى 50,000 رقاقة.

في الوقت الذي تستخدم فيه نماذج الذكاء الاصطناعي الغربية ما يقارب 16,000 رقاقة متخصصة، أكدت DeepSeek أنها نجحت في تدريب نموذجها باستخدام 2000 رقاقة فقط، إضافة إلى آلاف الرقائق ذات الإمكانيات المنخفضة، مما جعل تكاليفها أقل بكثير من منافسيها.

الابتكار الصيني يخلق فرصًا جديدة

وفقًا للخبيرة مارينا تشانغ، الأستاذة المشاركة في جامعة سيدني، فإن القيود الأمريكية حفزت الشركات الصينية على الإبداع والتطوير، كما ساهمت في تسريع جهود الاستقلال التكنولوجي التي تتبناها الصين. ومع استثمارات ضخمة في مجالات مثل السيارات الكهربائية، الألواح الشمسية، والذكاء الاصطناعي، تسعى بكين إلى تعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية رائدة.

المواهب المحلية تدفع عجلة التفوق

يعمل في DeepSeek فريق يضم نحو 140 مهندسًا، معظمهم خريجو الجامعات الصينية المرموقة. ويرى المراقبون أن الشركات الناشئة الصينية يقودها جيل جديد من رواد الأعمال الذين يركزون على البحث العلمي والتطوير طويل الأمد بدلاً من تحقيق أرباح سريعة.

مؤسس DeepSeek، ليانغ وينفينغ، البالغ من العمر 40 عامًا، درس الذكاء الاصطناعي في جامعة تشجيانغ، إحدى أفضل الجامعات في الصين. ويصر على أن تظل شركته منصة مفتوحة المصدر، مما ساعدها على تحقيق تقدم سريع، بخلاف الشركات التكنولوجية الصينية الكبرى التي تركز على الأرباح التجارية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا

رغم التفوق الصيني الواضح، لا تزال الولايات المتحدة تمتلك ميزة كبيرة في مجال الحوسبة المتقدمة، حيث توفر موارد ضخمة تفوق ما يمكن للصين الوصول إليه حاليًا. ومع ذلك، فإن DeepSeek قد أشعل المنافسة، وأثبت أن القيود الأمريكية لم تمنع الابتكار الصيني، بل ربما ساهمت في دفعه إلى الأمام.

مع هذا التقدم، يبقى السؤال: هل تستطيع الصين فرض هيمنتها على الذكاء الاصطناعي عالميًا؟ أم أن واشنطن ستجد طريقة للحفاظ على تفوقها في هذا المجال؟

 

 

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *