تصاعد المنافسة بين القوى الكبرى في الذكاء الاصطناعي
يشهد العالم سباقًا محمومًا في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث تشتد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. وفي قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في باريس، أعلن الاتحاد الأوروبي عن استثمارات ضخمة لتعزيز مكانته في هذا المجال، في ظل مخاوف من تحالف محتمل بين الصين وروسيا قد يُعيد تشكيل التوازنات العالمية.
نجاح صيني يربك الأسواق الأمريكية
في عام 2025، أحدثت شركة “DeepSeek” الصينية الناشئة ضجة كبيرة بعد تطوير نموذج ذكاء اصطناعي متقدم ينافس نماذج OpenAI وGoogle، وبتكلفة منخفضة ودون الحاجة إلى الرقائق الأمريكية المتطورة. هذا التطور أثار قلقًا عالميًا، خصوصًا مع تأكيد تقارير بحثية أن سباق الذكاء الاصطناعي ليس مرتبطًا بلحظات فردية، بل هو سباق طويل الأمد يعتمد على التطوير المستمر.
انهيار أسهم الذكاء الاصطناعي في أمريكا
تسببت طفرة DeepSeek في موجة بيع ضخمة لأسهم شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، حيث خسرت “إنفيديا” أكثر من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية. ورغم العقوبات الأمريكية الصارمة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، أثبتت الصين قدرتها على الابتكار دون الحاجة إليها، ما يثير تساؤلات حول مدى فعالية هذه القيود.
هل يمكن تحقيق ذكاء اصطناعي عالمي بتكاليف منخفضة؟
يشكك البعض في جدوى الاستثمارات الضخمة التي تضخها الدول الغربية في الذكاء الاصطناعي، خاصة مع ظهور شركات صغيرة قادرة على تطوير نماذج متقدمة بتكاليف زهيدة. ويُعد نموذج DeepSeek مفتوح المصدر نقطة خلاف رئيسية، حيث يتناقض مع نهج الشركات الأمريكية الكبرى التي تعتمد على النماذج المغلقة، ما قد يمنح الصين ميزة استراتيجية طويلة الأمد إذا تم فرض قيود على الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر في الغرب.
أوروبا تواجه خطر التخلف عن الركب
تشير تقارير تحليلية إلى أن أوروبا قد تجد نفسها خارج سباق الذكاء الاصطناعي إذا لم تتحرك بسرعة لتعزيز استثماراتها. فبينما تتصدر الولايات المتحدة والصين المشهد، يحذر الخبراء من أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تغييرات جذرية في سياساته المالية والتكنولوجية للحفاظ على قدرته التنافسية.
استراتيجية أوروبية بمليارات اليوروهات
في محاولة لتعويض الفجوة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن خطة استثمارية بقيمة 200 مليار يورو للذكاء الاصطناعي، تركز على التطبيقات الصناعية والاستراتيجية. وتزامن ذلك مع إطلاق مبادرات جديدة، مثل مشروع “أبطال الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي” بقيمة 150 مليار يورو، لتعزيز الابتكار عبر القارة.
تحالف روسي-صيني في الأفق
في المقابل، تعزز الصين وروسيا تعاونهما في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تخطط أكبر البنوك الروسية، مثل “سبيربنك”، للعمل مع باحثين صينيين على مشاريع قد تشمل تطبيقات عسكرية. ومع استمرار العقوبات الغربية، تسعى موسكو وبكين إلى بناء منظومة ذكاء اصطناعي مستقلة، مما قد يشكل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة وحلفائها.
هل تأخرت أوروبا في سباق الذكاء الاصطناعي؟
بينما تعيد الولايات المتحدة والصين رسم ملامح المنافسة التكنولوجية، يبقى السؤال الأهم: هل ما زال بإمكان أوروبا اللحاق بالركب؟ مع تحديات الاستثمار والتشريعات المعقدة، قد تحتاج القارة العجوز إلى تحولات جذرية في استراتيجياتها للحفاظ على موقعها في السباق العالمي للذكاء الاصطناعي.




