قبل شهر واحد فقط، كانت شركة DeepSeek الصينية الناشئة حديث الأسواق بعد أن تسببت في هبوط سهم Nvidia، وخسارة الشركة الأميركية نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، وسط توقعات بأنها أحدثت ثورة في خفض تكاليف تطوير الذكاء الاصطناعي وتقليل استهلاك الطاقة.
ولكن سرعان ما تلاشت الضجة حول DeepSeek، بعدما عجزت عن إثبات صحة وعودها الطموحة، ما جعل الرواية التي روجت لها حول تطوير نموذج ذكاء اصطناعي قوي بتكلفة 6 ملايين دولار فقط موضع تشكيك كبير في الأوساط التقنية.
السوق أخطأت في تقدير DeepSeek
وفقًا لتقرير نشرته بلومبرغ نيوز، لم يظهر أي دليل ملموس حتى الآن على أن DeepSeek نجحت في تقليل استهلاك الطاقة في مراكز البيانات، حيث استمرت الحاجة إلى كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.
كما أشار التقرير إلى أن قطاع المرافق الكهربائية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عاد إلى مستواه الطبيعي، بعدما أعادت الأسواق تقييم الطلب المحتمل على الطاقة في مراكز البيانات، ما أكد أن تأثير DeepSeek كان قصير الأمد.
رؤية Nvidia: DeepSeek لم تغير قواعد اللعبة
علق الرئيس التنفيذي لشركة Nvidia، جينسن هوانغ، على التطورات قائلاً إن السوق بالغت في تقدير تأثير DeepSeek، متوهمين أن هذه التقنية قد تُنهي الحاجة إلى عمليات الحوسبة الضخمة.
وبحسب بزنس إنسايدر، يرى هوانغ أن برنامج DeepSeek، كونه مفتوح المصدر، قد يكون مفيدًا في تسريع تبني الذكاء الاصطناعي، لكنه لن يغير جوهر صناعة الرقائق والمعالجات، والتي تعتمد على استثمارات ضخمة وتطوير مستمر.
هل تحققت تحذيرات لويس نافيلييه؟
المستثمر المخضرم لويس نافيلييه كان من أوائل المشككين في نجاح DeepSeek، محذرًا من أن ادعاءاتها بشأن تقليل استهلاك الطاقة قد تكون غير واقعية. ولاحقًا، نشر نافيلييه بودكاست أكد فيه أن تطبيق DeepSeek لم يعد يعمل، وهو ما زاد من الشكوك حول مصداقية الشركة الصينية.
عودة الثقة إلى عمالقة الذكاء الاصطناعي
ترى كبيرة استراتيجيي الاستثمار في إمباور، مارتا نورتون، أن التأثير الذي أحدثته DeepSeek لم يكن سوى “عثرة مؤقتة”، حيث لم تُحدث الشركة تغييرًا جذريًا في تقييمات كبرى شركات الذكاء الاصطناعي.
ورغم التراجع السريع لـ DeepSeek، إلا أن القصة لم تنتهِ بعد، إذ يُظهر هذا الحدث أن الأسواق قد تبقى عرضة لاضطرابات غير متوقعة، خاصة مع صعود شركات ناشئة تحاول كسر هيمنة الشركات الأميركية الكبرى على قطاع الذكاء الاصطناعي.
الفجوة بين الادعاءات والواقع
يرى المحلل ألان القارح أن DeepSeek أثارت ضجة عالمية لأن المستثمرين اعتقدوا للحظة أن الشركات الأميركية بالغت في تقدير تكاليف تطوير الذكاء الاصطناعي.
لكن مع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن بناء نموذج ذكاء اصطناعي قوي بميزانية محدودة لا يزال أمرًا صعبًا، حيث لم تقدم DeepSeek أي دليل ملموس على أنها قادرة على منافسة شركات مثل Nvidia وGoogle وMicrosoft، مما أدى إلى فقدان المستثمرين الثقة بها.
أهداف DeepSeek الحقيقية
يعتقد القارح أن DeepSeek كانت تسعى بشكل أساسي إلى التأثير على السياسات التكنولوجية العالمية وإظهار أن الصين قادرة على إنتاج تقنيات ذكاء اصطناعي منافسة دون الحاجة إلى بنية تحتية ضخمة.
لكن رغم التأثير الأولي الكبير، إلا أن الأسواق استوعبت سريعًا أن الشركات الأميركية الكبرى لا تزال مهيمنة، خاصة بعد استئناف Nvidia وMicrosoft استثماراتهما الضخمة في القطاع، ما يؤكد أن هيمنتهم على السوق لن تتأثر بظهور شركة ناشئة قد تكون مجرد “واجهة” لجهات رسمية.




