الصين تتبنى الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي وسط مخاوف من المخاطر

انتشار الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي

تشهد الصين طفرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، حيث أصبح نموذج DeepSeek جزءًا أساسيًا من عمليات التشخيص الطبي. ومع تزايد اعتماد المواطنين عليه، تباينت ردود الأفعال بين الترحيب بالتكنولوجيا الجديدة والمخاوف من تأثيرها على القرارات الطبية.

طبيب في مأزق بسبب DeepSeek

انتشر مقطع فيديو على منصة Douyin، النسخة الصينية من تيك توك، يُظهر طبيبًا صُدم عندما اعترض أحد المرضى على علاجه استنادًا إلى استشارة من DeepSeek. وبعد مراجعة الدليل الطبي، اكتشف الطبيب أن إرشادات العلاج قد تم تحديثها بالفعل، مما جعله يُدرك خطأه.

هذه الواقعة تعكس تحولًا متزايدًا في الصين، حيث أصبح المواطنون يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، من الموظفين الحكوميين الافتراضيين إلى المعلمين الرقميين والمساعدين الطبيين الذكيين.

مستشفيات تتبنى الذكاء الاصطناعي رغم المخاوف

بحلول فبراير 2025، أعلنت نحو 100 مستشفى في الصين عن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك DeepSeek، في تحليل الصور الشعاعية، اتخاذ القرارات الطبية، ومراقبة جودة السجلات الطبية.

في أحد مستشفيات شينزين، صدرت مذكرة داخلية تؤكد استخدام DeepSeek “لأغراض بحثية فقط”. لكن ذلك أثار قلق الأطباء، حيث صرحت إحدى الجراحات: “في المستقبل، قد نفقد وظائفنا، لكن على الأقل لا يزال بإمكاني إجراء العمليات الجراحية.”

تقنيات مساعدة أم تهديد لمهنة الطب؟

يرى بعض الأطباء أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم في تخفيف الأعباء، حيث أوضح طبيب أعصاب في نانجينج أن DeepSeek يُساعد في تسريع تسجيل الحالات المرضية، قائلًا: “في العيادات الخارجية، الوقت محدود مع كل مريض، لذا فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه توفير الكثير من الوقت.”

لكنّه شدد في الوقت ذاته على أن “اتخاذ القرارات الطبية يجب أن يظل بيد الأطباء أنفسهم.”

قيود حكومية على استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب

رغم الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي، بدأت بعض السلطات في فرض قيود صارمة. ففي مقاطعة هونان، تم حظر استخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار الوصفات الطبية، نظرًا للمخاوف بشأن الدقة والمسؤولية القانونية.

البروفيسور ماركو سكوريتش، أستاذ الإعلام في جامعة هونج كونج، أشار إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تعمل بطريقة “الصندوق الأسود”، ما يجعل قراراتها غير مفهومة بالكامل. كما تساءل: “عندما تحدث أخطاء طبية، من سيكون المسؤول؟ الأطباء، المستشفيات، أم الشركات التقنية؟”

من جانبه، شدد البروفيسور جوناثان زو، رئيس قسم العلوم الاجتماعية الحاسوبية، على ضرورة وضع ضوابط تنظيمية صارمة، مؤكدًا على أهمية استناد نماذج الذكاء الاصطناعي إلى أدلة علمية موثوقة، مع تعزيز الرقابة الحكومية والمجتمعية.

الذكاء الاصطناعي يمتد إلى التربية والتنشئة

لم يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي على المجال الطبي، بل امتد إلى التربية، حيث استخدمت أم صينية روبوت الدردشة Doubao، المطور من قبل ByteDance، لتهدئة طفلها عندما كان يبكي بسبب لعبة.

وعلّق أحد المستخدمين ساخرًا: “الذكاء الاصطناعي أكثر صحة نفسية من 90٪ من البشر، وربما يكون أفضل في التربية من بعض الآباء!”

دعم حكومي لتعزيز الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي

تحظى DeepSeek بدعم حكومي واسع، حيث تعتبرها السلطات رمزًا للابتكار المحلي في مواجهة العقوبات الغربية. حتى أن مؤسس الشركة، ليانج وينفنج، كان من بين قلة من رواد الأعمال الذين حضروا ندوة مع الرئيس شي جين بينج، الذي حثهم على مواصلة الابتكار لتعزيز القوة الاقتصادية للصين.

وتعكس تبنّي مدن مثل شينزين، هوهوت، جانزو، ووشي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، توجه الصين نحو دمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة، رغم المخاوف المتزايدة حول تأثيراته المستقبلية.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *