“التقطير” في الذكاء الاصطناعي.. كيف يُحدث ثورة في نماذج اللغات؟

تتجه كبرى شركات الذكاء الاصطناعي، مثل OpenAI وMicrosoft وMeta، نحو تقنية جديدة تُعرف باسم “التقطير”، في سباقها نحو تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أرخص وأكثر كفاءة، مما يجعلها متاحة بسهولة للمستهلكين والشركات.

ما هو “التقطير” في الذكاء الاصطناعي؟

تعتمد هذه العملية على أخذ نموذج ذكاء اصطناعي كبير ومعقد – يُعرف باسم “المعلم” – والذي يولد استجابات متقدمة، ومن ثم يتم استخلاص المعرفة منه لنموذج أصغر يُعرف بـ”الطالب”، مما يجعله قادرًا على تنفيذ المهام بكفاءة أعلى وتكلفة أقل.

ورغم أن تقنية التقطير ليست جديدة، إلا أن التطورات الأخيرة جعلتها أكثر أهمية، حيث أصبحت الشركات الناشئة تعتمد عليها بشكل متزايد لتطوير نماذج خفيفة وفعالة، مما قد يغير معادلة المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي.

كيف تهدد الصين هيمنة وادي السيليكون؟

جذبت هذه التقنية اهتمامًا عالميًا بعدما استخدمتها شركة DeepSeek الصينية لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي قوية، معتمدة على أنظمة مفتوحة المصدر من Meta وAlibaba، مما أثار مخاوف في وول ستريت وأدى إلى خسائر بمليارات الدولارات لشركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى.

وبحسب تقارير، فإن OpenAI تعتقد أن DeepSeek قد استخلصت نماذجها لتدريب نموذجها الجديد، وهو ما يتعارض مع شروط الخدمة، إلا أن الشركة الصينية لم ترد رسميًا على هذه الادعاءات.

مزايا التقطير.. ولماذا تلجأ إليه الشركات الكبرى؟

قال أوليفييه جودمينت، رئيس قسم المنتجات في OpenAI، إن “التقطير” عملية سحرية للغاية، حيث تسمح بتحويل النماذج الضخمة إلى نماذج أصغر وأرخص وأسرع، مع الاحتفاظ بالكفاءة اللازمة.

ويُذكر أن تدريب النماذج الضخمة مثل GPT-4 وGemini وLlama يتطلب تكاليف هائلة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، لكن مع التقطير يمكن خفض التكلفة بشكل كبير، مما يتيح لمطوري التطبيقات تشغيل الذكاء الاصطناعي على الأجهزة العادية مثل الهواتف واللابتوبات.

حدود تقنية التقطير.. هل تحل جميع المشكلات؟

رغم مزاياها، يرى الخبراء أن النماذج “المقطرة” تكون أكثر محدودية مقارنة بالنماذج الضخمة، حيث قال أحمد عوض الله من Microsoft Research إن “التقطير يقدم مقايضة؛ فكلما صغّرت النموذج، قلّت قدرته”.

لكن ديفيد كوكس، نائب رئيس قسم نماذج الذكاء الاصطناعي في IBM Research، أكد أن معظم الشركات لا تحتاج إلى نماذج ضخمة، وأن النماذج المقطرة قوية بما يكفي لتشغيل تطبيقات مثل برامج الدردشة وخدمة العملاء، مضيفًا:
“إذا حصلت على الأداء المطلوب بتكلفة أقل، فلماذا لا تفعل ذلك؟”

المستقبل.. هل تصبح النماذج الصغيرة هي الحل؟

مع تزايد الحاجة لنماذج أرخص وأكثر كفاءة، قد يصبح التقطير الحل الأمثل لمواجهة التكاليف الضخمة في عالم الذكاء الاصطناعي. وفي ظل المنافسة بين الشركات الكبرى والناشئة، قد نشهد قريبًا تحولات كبيرة في كيفية بناء نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها عالميًا.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *