الصين ترد على القيود الأمريكية بإستراتيجية هجومية
فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على وصول الصين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما دفع بكين إلى تبني استراتيجية غير متوقعة. بدلاً من الاكتفاء بتطوير نماذج خاصة بها خلف الأبواب المغلقة، قررت الصين إغراق السوق بنماذج قوية ومفتوحة المصدر، متجاوزة بذلك العقوبات الأمريكية ومحدثة تأثيرًا عالميًا في القطاع.
تحركات سريعة وإصدارات متلاحقة من النماذج المفتوحة
شهدت الأشهر الأخيرة تسارعًا مذهلًا في إطلاق الصين لنماذج ذكاء اصطناعي متطورة، مثل “ديب سيك DeepSeek R1″، والذي عدّه البعض ردًا صينيًا على سلسلة نماذج OpenAI. سرعان ما تبع ذلك موجة من الإصدارات الجديدة، مع استمرار شركات التكنولوجيا الصينية في تقديم نماذج أكثر قوة وانفتاحًا.
هذا التوجه انعكس إيجابيًا على السوق الصينية، حيث شهد مؤشر “هانغ سنغ” للتكنولوجيا ارتفاعًا بأكثر من 40% منذ بداية العام. في الوقت ذاته، أعلنت شركة “علي بابا” أن نموذجها “QwQ-32B” ينافس DeepSeek R1، مما يعزز من موقع الصين في المنافسة العالمية.
هل تمثل نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية تهديدًا أمنيًا؟
على الجانب الآخر، تتعامل شركات التكنولوجيا الأمريكية مع الذكاء الاصطناعي كمورد حصري، حيث تفرض قيودًا مشددة على الوصول إلى نماذجها المتقدمة عبر خطط الاشتراك المدفوعة والاتفاقيات التجارية. كما ترى الحكومة الأمريكية أن النماذج المفتوحة قد تمثل تهديدًا أمنيًا، إذ يمكن تعديلها واستخدامها لأغراض سيبرانية خطيرة.
بسبب هذه المخاوف، يضغط مشرعون أمريكيون لحظر نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية، مثل DeepSeek، من الأجهزة الحكومية. ومع ذلك، فإن الشركات الصينية تعتمد نهجًا مختلفًا تمامًا، إذ تتيح نماذجها للجميع، مما يتيح للمطورين العالميين فرصة تحسينها وتطويرها، متجاوزة بذلك العقوبات الغربية المفروضة عليها.
إعادة تشكيل قطاع الذكاء الاصطناعي عالميًا
يرى الخبراء أن النهج الصيني قد يؤدي إلى إعادة تشكيل قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد النماذج المتقدمة على التحسين المستمر من قبل مجتمعات المطورين. من خلال توفير نماذج مفتوحة المصدر، تستفيد الصين من المواهب العالمية دون الحاجة إلى تحمل التكلفة الكاملة للتطوير، مما يمنحها ميزة تنافسية طويلة الأمد.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الصين تغيير قواعد اللعبة في الذكاء الاصطناعي، أم أن الغرب سيتخذ خطوات جديدة للحد من نفوذها في هذا المجال؟




