الصين تواصل تقدمها في الذكاء الاصطناعي وسط الحرب التجارية مع واشنطن

في وقت يتصدر فيه خبر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عناوين الأخبار، غابت عن الأنظار العديد من التطورات المثيرة في قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين. فقد أطلقت شركة “علي بابا غروب هولدينغ” نموذجاً جديداً مفتوح المصدر لتوليد مقاطع الفيديو، كما قدمت شركة “تشيبو إيه آي” (المعروفة بلقب “التنين الصغير”) مستندات تمهيدية لاكتتاب عام أولي، بينما انتشر تطبيق “ديب سيك” في المستشفيات والحكومات المحلية، وغيرها من المجالات التي تعكس النمو المتسارع لهذا القطاع.

“ديب سيك” يشعل الحماسة في الصين والعالم

أحدث نظام “ديب سيك” ضجة عالمية في وقت مبكر من هذا العام، حيث أثبت قدرة الصين على التنافس مباشرة مع وادي السيليكون في مجال الذكاء الاصطناعي. فشركة “ديب سيك” الناشئة، التي يقع مقرها في هانغتشو، لعبت دوراً كبيراً في إحياء قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين، وذلك رغم التحديات التي فرضتها الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

ورغم التداعيات السلبية لهذه الحرب على الأسواق العالمية، لا تزال الصين ماضية في مسارها لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يظهر بوضوح من خلال الدعم الحكومي الكبير لهذا القطاع. ففي فبراير، عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعاً مع عدد من كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا، ومنهم مؤسس “علي بابا” جاك ما، ومؤسس “ديب سيك” ليانغ وينفينغ، وهو ما يعكس الدعم الواسع الذي يحظى به هذا القطاع من أعلى هرم السلطة في الصين.

دعم حكومي قوي واهتمام متزايد من السكان

النجاح الذي تحقق في قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين يعود إلى أكثر من مجرد الدعم الحكومي، بل إلى الحماس الكبير الذي يبديه سكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تجاه هذه التكنولوجيا. فوفقاً لاستطلاع أجراه مركز “إبسوس”، يرى نحو 83% من البالغين في الصين أن الذكاء الاصطناعي يعود بفوائد أكثر من السلبيات، وهي النسبة الأعلى على مستوى العالم.

وفي سياق آخر، بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي تجد طريقها إلى مختلف جوانب الحياة اليومية في الصين، من الزراعة إلى الرعاية الصحية. على سبيل المثال، بدأ المزارعون في مقاطعة هوبي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة الأمطار الغزيرة، وهو ما يعكس التبني الواسع للتكنولوجيا في المجتمع الصيني.

مزايا التوسع السريع في الذكاء الاصطناعي

بينما تركز الولايات المتحدة على تطوير نماذج متقدمة من الذكاء الاصطناعي، تمضي الصين بسرعة نحو نشر أدوات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. وهذا الانتشار الجماعي يمنحها ميزة تنافسية تضعها في موقع قوي على الساحة العالمية.

ورغم استمرار التحديات الاقتصادية التي تسببت بها الحرب التجارية، يؤكد الباحث المتخصص في الشأن الصيني غيرارد ديبيبو من مؤسسة “راند” أن الصين ستواصل دعم الصناعات التكنولوجية المتقدمة والشركات الناشئة مثل “ديب سيك” حتى في ظل المعاناة الاقتصادية.

التحديات المرتبطة بالرقائق الإلكترونية

إحدى التحديات الكبرى التي تواجه الصين في تطوير الذكاء الاصطناعي هي القيود المفروضة على رقائقها الإلكترونية المتطورة. ورغم أن الولايات المتحدة فرضت قيوداً صارمة على صادرات رقائق “إنفيديا” (Nvidia)، التي تعتبر أساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي، إلا أن الشركات الصينية مثل “علي بابا” و”هواوي” لديها مخزون كافٍ من الرقائق لتخفيف تأثير هذه القيود.

تزايد المخاوف الغربية من تفوق الصين في الذكاء الاصطناعي

في المقابل، يتزايد القلق في الغرب من أن تتمكن الصين من تجاوز الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي. ورغم التركيز الأميركي على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدم، يبدو أن الصين تمضي قدماً في تقليص الفجوة بشكل ملحوظ. وتؤكد التقارير أن الصين تتصدر العالم في عدد المنشورات وبراءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما يعكس قدرتها على منافسة القوى الكبرى في هذا المجال.

في النهاية، بينما ينشغل العالم بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية الناجمة عن الحرب التجارية، قد تفاجئ الصين العالم مجدداً بتقدم تقني غير مسبوق في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس طموحاتها الجادة في أن تصبح رائدة عالمياً في هذا المجال.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *