الذكاء الاصطناعي يقود ثورة في توقعات الطقس ويمنح الأمل للدول الفقيرة

نماذج ذكية لمواجهة الظواهر الجوية المتطرفة

مع ازدياد صعوبة التنبؤ بالطقس في أنحاء العالم، تبرز الحاجة الملحة لتطوير نماذج حديثة تساعد في الحد من تهديدات الظواهر الجوية المتطرفة، والتي كثيرًا ما تتسبب في خسائر بشرية ومادية جسيمة.

ولمواجهة هذا التحدي، يسعى العلماء إلى تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لتطوير أنظمة تنبؤ متقدمة يمكنها التنبؤ بالكوارث قبل وقوعها، وبدقة غير مسبوقة.

أنظمة حاسوبية متطورة.. ولكنها مكلفة

تعتمد معظم الدول المتقدمة في توقعاتها الجوية على أنظمة كمبيوتر ضخمة تُجري ملايين العمليات الحسابية يوميًا. هذه الأنظمة تساعد في تقديم توقعات لمدة تصل إلى عشرة أيام مسبقة، لكنها تتطلب طاقة حاسوبية هائلة وتمويلًا ضخمًا.

في المقابل، تفتقر دول كثيرة حول العالم، خاصة في إفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا الجنوبية، إلى الموارد البشرية والتقنية والمالية التي تتيح لها بناء أنظمة مماثلة، مما يجعلها أكثر عرضة لمخاطر الفيضانات والعواصف والجفاف المفاجئ.

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة التنبؤ المناخي

لحل هذه المعضلة، بدأ الباحثون في تطوير نماذج تنبؤ تعتمد على الذكاء الاصطناعي، قادرة على تقديم توقعات طقس بدقة أعلى وبسرعة تفوق الحواسيب العملاقة بآلاف المرات، وكل ذلك باستخدام جهاز كمبيوتر محمول فقط.

تقول عدة شركات رائدة في هذا المجال إنها تمكنت من إنشاء أنظمة تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم تنبؤات دقيقة لدرجات الحرارة وسرعة الرياح واحتمالات هطول الأمطار، حتى في المناطق التي لا تتوفر فيها بيانات تاريخية كافية.

نظام إنذار مبكر للكوارث

الميزة الأبرز لتلك الأنظمة الجديدة تكمن في قدرتها على توفير نظام إنذار مبكر للدول النامية والمناطق النائية، ما يمنحها وقتًا ثمينًا للاستعداد للفيضانات أو العواصف المفاجئة.

وتتميز هذه الأنظمة أيضًا بأنها أقل استهلاكًا للطاقة، وتتطلب تدخلًا بشريًا محدودًا، مقارنة بالطرق التقليدية التي تحتاج إلى مراكز بيانات ضخمة وفِرَق عمل متخصصة.

تحسين الدقة وخفض التكاليف

بحسب خبراء الأرصاد الجوية، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحسن دقة التوقعات بشكل ملحوظ، ويُسهم في تقليل الأخطاء المرتبطة بالنماذج الرياضية التقليدية، خصوصًا في الظروف المناخية المتقلبة.

كما أن هذه النماذج تُسرّع عملية إنتاج التوقعات، وتوفر الوقت والجهد، ما يجعلها حلًا مثاليًا للدول ذات الإمكانات المحدودة.

تساؤلات حول موثوقية الذكاء الاصطناعي

رغم التفاؤل الواسع، لا تزال هناك تساؤلات جدية بشأن مدى موثوقية الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، خصوصًا عند التعامل مع ظواهر جوية شديدة التعقيد ونادرة الحدوث، مثل الأعاصير الخارقة أو موجات الحرارة القاتلة.

ويحذر الخبراء من الاعتماد الكامل على النماذج الذكية، مؤكدين أن هذه الأنظمة تحتاج إلى المزيد من التطوير والتجريب قبل أن تصبح بديلًا كاملاً عن النماذج الفيزيائية التقليدية.

أداة مكملة لا بديل نهائي

في النهاية، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداة مساعدة قوية في مجال التنبؤ الجوي، وليس بديلًا مباشرًا عن النماذج العلمية المعتمدة منذ عقود. لكنه يفتح آفاقًا جديدة أمام الدول غير القادرة على الاستثمار في البنية التحتية المعقدة، ويمنحها فرصة لحماية شعوبها من الكوارث المناخية المتزايدة.

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1319

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *