كيف يعمل عقل الذكاء الاصطناعي من خلال وحدة المعالجة العصبية؟

في عالم التكنولوجيا، وتحديداً الذكاء الاصطناعي، يسطع نجم وحدة المعالجة العصبية Neural Processing Unit، التي لديها بنية تحاكي الشبكة العصبية للدماغ البشرية، ما يفسح المجال لوحدة المعالجة المركزية CPU، ووحدة معالجة الرسوميات GPU للقيام بمهام أخرى وبكفاءة أعلى، وبالتالي تتيح للمستخدم تجربة أداء فائقة، وأكثر إبداعاً.

وتُعد وحدة المعالجة العصبية NPU “عقل” الذكاء الاصطناعي، إذ تعالج كميات هائلة من البيانات في آن واحد، وتؤدي تريليونات العمليات في الثانية الواحدة، وكل هذا باستخدام طاقة أقل، لتثبت أنها أكثر كفاءة من وحدة المعالجة المركزية CPU، ووحدة معالجة الرسوميات GPU.

وشاع استخدام وحدة المعالجة العصبية منذ عام 2022، بالتزامن مع اتساع رقعة الاهتمام بمجالات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ظهورها في العديد من الأجهزة الذكية مثل الهواتف والحواسيب الشخصية وغيرها.

وقد يخلط البعض بين وحدة المعالجة العصبية، ووحدة المعالجة المركزية CPU، ووحدة معالجة الرسوميات GPU، إلا أن لكل منها أدوارها الخاصة.

وتُعتبر وحدة معالجة البيانات المركزية CPU المكون الأساسي الذي يعالج الإشارات، ويجعل الحوسبة ممكنة، فهي تعمل كدماغ لأي جهاز كمبيوتر، إذ تعالج جميع مهام الحوسبة المطلوبة لعمل نظام التشغيل، والتطبيقات.

بينما تساعد وحدة معالجة الرسوميات GPU على التعامل مع الأعمال المتعلقة بالمحتوى البصري مثل تعلّم الآلة Machine Learning، والألعاب، ومقاطع الفيديو، وغيرها من المهام التي تتطلب إجراء عمليات حسابية رياضية بسرعة عالية.

أما وحدة المعالجة العصبية NPU، فهي مختصة بتشغيل خوارزميات تعلّم الآلة المختلفة محلياً على جهاز المستخدم، بحيث يتم حل المعادلات الحسابية المعقدة لمعالجة كم ضخم من البيانات بالتوازي خلال ثوانٍ معدودة، دون الحاجة إلى نقل البيانات عبر الإنترنت ومعالجتها خارج الجهاز، وهو ما يوفر سرعة فائقة في المعالجة وإتمام الأوامر، ما يحافظ على خصوصية المستخدم وبياناته.

وعلى الرغم من أن فكرة وحدة المعالجة العصبية تفرض نفسها في الوقت الراهن، إلا أن التقنية في حد ذاتها قديمة، وترجع إلى فترة التسعينيات، عندما تمكن يان ليكون، الذي يشغل حالياً منصب كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، من إعداد ورقة بحثية تتناول فكرة الشبكات العصبية التلافيفية ConvNets، والتي تعتمد عليها حالياً مختلف تطبيقات الوحدات العصبية في المنتجات الذكية، بداية من الهواتف الذكية والسيارات مثل تسلا، وصولاً إلى النماذج اللغوية الكبيرة LLMs التي تشغّل منصات مثل ChatGPT.

والشبكات العصبية التلافيفية هي طريقة في الذكاء الاصطناعي تُعلِّم أجهزة الكمبيوتر معالجة البيانات بطريقة مستوحاة من الدماغ البشري، وذلك من خلال تدريبها على تنفيذ مهام يصعب القيام بها باستخدام تقنيات البرمجة التقليدية.

وكان عام 2017 فارقاً في سوق الهواتف الذكية، عندما كشفت أبل عن “آيفون إكس” ليكون أول هاتف في العالم يحمل وحدة معالجة عصبية، أو كما أسمتها آنذاك بـ”المحرك العصبي” Neural Engine، الذي كان عبارة عن شريحة رقمية داخل معالجها A11 Bionic، ثم لحقتها هواوي بمعالج بالوحدة العصبية Kirin 970 الذي قدمته الشركة الصينية على متن هاتفها Mate 10.

وتتمثل أهمية وحدات المعالجة العصبية في قدرتها على المعالجة المتوازية للبيانات، وهو ما يُقاس بوحدة TOPs أو تريليون عملية في الثانية الواحدة، لضمان سرعة المعالجة والأداء الفائق.

وتُعتبر وحدة المعالجة العصبية مستقبل الأجهزة الذكية، لأنها تتيح قدراً هائلاً من قوة المعالجة لإنجاز المهام بشكل لحظي، فقد تطورت الهواتف الذكية، وأصبحت أكثر فهماً للعالم من حولها بشكل أفضل.

كما تطورت قدرات الكاميرات، حيث أصبحت أكثر فهماً لما تراه، وبات بإمكانها تعديل إعدادات الصور والفيديو تلقائياً لتلائم ظروف وأماكن التصوير.

كما استفادت الحواسيب الشخصية والأجهزة اللوحية من وحدة المعالجة العصبية، إذ كشفت مايكروسوفت مؤخراً بالتعاون مع كوالكوم وعائلة معالجاتها “سناب دراجون إكس” عن جيل الحواسيب الثوري Copilot+ PC الذي يُقدّم مزايا للذكاء الاصطناعي، ومن بينها Recall المثيرة للجدل، التي وصفتها الشركة بأنها تقوم بتسجيل كل ما يفتحه المستخدم من تطبيقات، وملفات، وحافظات ملفات، وعناوين ويب عبر حاسوبه الشخصي.

ومن المقرر أن تكشف أبل عن نظام تشغيلها الجديد iOS 18 على متن عائلة هواتفها المرتقبة آيفون 16، والذي قد يحمل لأول مرة مزايا ذكاء اصطناعي ستعتمد على وحدة معالجة عصبية متطورة، كما فعلت مع معالجها الأحدث M4 مع إصدار iPad Pro الجديد.

شارك هذا الخبر
عبد الله الشريف
عبد الله الشريف

محرر متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 18

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *