الذكاء الاصطناعي يهدد الموسيقى: أغاني مزيفة تغزو سبوتيفاي وآبل ميوزك

عشرات الآلاف من الأغاني المزيفة تُحمّل يومياً

تشهد منصات البث التدفقي للموسيقى، وعلى رأسها “سبوتيفاي” و”آبل ميوزك”، موجة من الأغاني التي تم إنتاجها بالكامل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف تحقيق عائدات مالية من خلال عمليات استماع مزيفة. وتشير بيانات حديثة من منصة “ديزر” إلى أن أكثر من 20 ألف أغنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُحمّل على المنصة يومياً، وهو ما يمثل 18% من إجمالي الأغاني الجديدة، أي ضعف الرقم المسجل في يناير الماضي.

احتيال رقمي يهدد الصناعة الموسيقية

يستغل المحتالون سهولة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى موسيقي مزيف بسرعة وبتكلفة شبه معدومة، ثم يقومون بتحميل هذه المقاطع على المنصات الموسيقية ويعتمدون على “مزارع نقرات” أو برامج ذكاء اصطناعي أخرى لتوليد آلاف الاستماعات الوهمية، بهدف تحقيق أرباح مادية من نظام العائدات.

وفي بعض الحالات، يقوم هؤلاء بوضع الأغاني المزيفة على صفحات فنانين حقيقيين، ما يؤدي إلى سرقة عائداتهم وإرباك بياناتهم الإحصائية.

خسائر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً

رغم أن “سبوتيفاي” تؤكد أنها تستثمر في تقنيات متقدمة لاكتشاف النشاط غير الطبيعي، وتشير “آبل ميوزك” إلى أن أقل من 1% من عمليات البث يتم التلاعب بها، إلا أن صحيفة “ذا غارديان” البريطانية قدّرت أن حجم الاحتيال يصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً في صناعة تبلغ قيمتها أكثر من 20.4 مليار دولار حول العالم.

أنظمة مراقبة تعاقب الفنانين المستقلين

تسببت أنظمة المراقبة الآلية التي تستخدمها المنصات الموسيقية في الإضرار بفنانين مستقلين أبرياء، حيث تُزال أغانيهم تلقائياً عند تسجيل قفزات غير متوقعة في عدد المستمعين، باعتبارها “نشاطاً مشبوهاً”.

فرقة الروك الأيرلندية الشمالية “فاينال ثيرتين” تعرّضت لهذا النوع من العقوبات بعد أن ارتفعت أعداد الاستماع إلى إحدى أغانيها بعشرات الآلاف خلال فترة قصيرة، ما دفع إحدى المنصات إلى حذف المقطع رغم أن السبب كان بث الأغنية عبر محطة إذاعية مشهورة.

اتهامات بلا أدلة وعمليات حجب تعسفية

الموسيقي المستقل آدم جيه مورغان واجه موقفاً مشابهاً حينما حقق أحد مقاطعه الموسيقية أكثر من 10 آلاف استماع خلال أسبوع، ربما بسبب انتشاره على “تيك توك”، إلا أن منصة “روت نوت” قامت بحجبه بدعوى أنه مثير للريبة دون تقديم أي أدلة.

ويؤكد مورغان أنه لم يتلقَ تفسيراً واضحاً لما جرى، واضطر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في محاولات فاشلة لفهم الموقف.

شركات التوزيع تحارب النقرات المزيفة

دارين أوين، مدير العمليات في شركة توزيع الموسيقى “فوغا”، قال إن الاحتيال عبر البث التدفقي انتشر بقوة منذ عام 2021، وصار يشكّل نصف عبء العمل في شركته. وأضاف أن الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الاستماع وتحديد ما إذا كانت بشرية أم مزيفة.

ويشير أوين إلى أن دولاً مثل الهند وفيتنام وتايلاند وعدداً من بلدان أوروبا الشرقية أصبحت مراكز نشطة لما يعرف بـ”مزارع النقرات”، حيث تُستخدم عمالة بأجور منخفضة لزيادة أرقام الاستماع.

القلق من المستقبل يدفع الفنانين للانسحاب

في ظل هذه الفوضى، حذّر الموسيقي دارين همينغز من أن استمرار ملاحقة الفنانين المستقلين عبر أنظمة الرقابة الآلية قد يدفعهم إلى مغادرة منصات كـ”سبوتيفاي” و”آبل ميوزك”، واللجوء إلى بدائل أكثر عدلاً مثل “باندكامب”، خاصةً أن هذه المنصات بالكاد تحقق لهم أرباحاً.

ويثير هذا الوضع تساؤلات جدية حول مستقبل الفنانين في ظل تنامي دور الذكاء الاصطناعي وغياب الحماية الكافية لمبدعين حقيقيين في مواجهة المحتوى المزيف.

شارك هذا الخبر
إبراهيم مصطفى
إبراهيم مصطفى
المقالات: 967

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *