تشهد صناعة الموسيقى حالة من التغيّر الجذري في ظل تصاعد دور الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي لم يعد أداة مساعدة فحسب، بل أصبح شريكًا مؤثرًا في عملية التأليف والإبداع. هذا التحول أثار العديد من التساؤلات القانونية والأخلاقية حول حقوق الملكية الفكرية وحدود الابتكار التكنولوجي، وسط غياب أُطر تنظيمية واضحة.
مفاوضات تاريخية بين شركات الموسيقى وناشئي الذكاء الاصطناعي
تشير تقارير إلى أن كبريات شركات الإنتاج الموسيقي مثل Universal Music Group وWarner Music Group وSony Music Group تجري مفاوضات مع شركتين ناشئتين في مجال الذكاء الاصطناعي هما Suno وUdio. تهدف هذه المفاوضات إلى صياغة اتفاقيات ترخيص تضمن تعويض الفنانين والشركات عن استخدام أعمالهم الموسيقية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وإنتاج “ريمكسات” موسيقية جديدة.
تسعى شركات الموسيقى إلى تطوير تقنيات تتبع مشابهة لنظام Content ID على يوتيوب، لرصد متى وكيف تُستخدم الأغاني في المحتوى الذي تنتجه هذه النماذج. كما تطالب بالمشاركة الفاعلة في قرارات تطوير المنتجات التي تصدرها شركات الذكاء الاصطناعي.
خلافات قانونية بين صناعة الموسيقى وشركات الذكاء الاصطناعي
في يونيو الماضي، رفعت جمعية صناعة التسجيلات الأميركية (RIAA) دعوى قضائية ضد Suno وUdio تتهمهما بانتهاك حقوق النشر، في حين ردّت الشركتان بأنهما تبتكران محتوى جديدًا لا يعيد نسخ الموسيقى المحمية، مع تأكيد استخدام فلاتر تمنع استنساخ الأعمال الأصلية.
تحديات تنظيمية وفرص اقتصادية
في ظل غياب قوانين واضحة، تتنامى المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على الأصالة الفنية، ما يجعل الحاجة ملحة لوضع أُطر توازن بين حماية حقوق الفنانين والاستثمار في القدرات الهائلة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
يُشير محمد سعيد، العضو المنتدب لشركة “أي دي تي” للاستشارات، إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتح أفقاً جديداً للإبداع، مع إمكانية إنتاج موسيقى جديدة تلبي أذواقًا متنوعة، كما يسهّل للفنانين المستقلين إنتاج أعمال عالية الجودة بتكاليف أقل.
كما أصبحت منصات البث مثل Spotify وApple Music تعتمد على خوارزميات ذكية لتحليل تفضيلات الجمهور، ما يعزز من تخصيص المحتوى الموسيقي والتواصل مع جمهور أوسع.
هذا المشهد الديناميكي يعكس صراعاً بين حماية الإبداع البشري وضخامة فرص الابتكار، في وقت تُكتب فيه قواعد جديدة لصناعة الموسيقى في عصر الذكاء الاصطناعي.




