مخاوف أمنية من ألعاب الأطفال المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي رغم فوائدها

الدمى الذكية تغزو عالم الأطفال.. وألمانيا تحذّر من خطر “التجسس في غرفة اللعب”

 

في بلدة باد كوزين الواقعة شرق ألمانيا، وبين أصوات آلات الحياكة القديمة، يواصل مصنع “كوسنر إشبيلزوج” العريق إنتاج دمى ناعمة يدوياً تُحاكي الحيوانات المحببة للأطفال. إلا أن هذه الألعاب التقليدية دخلت اليوم مرحلة جديدة، مع محاولات لتزويدها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ما أثار موجة من الجدل بين فوائدها العاطفية ومخاطرها الأمنية.

دمى ناعمة… وذكاء اصطناعي

منذ عام 1911، تُصنّع الدمى القابلة للاحتضان في هذه البلدة الألمانية. ويقول هيلموت شاشته، البالغ من العمر 79 عامًا وصاحب المصنع، إن “الدمى اللينة ليست مجرد ألعاب، بل وسائل عاطفية للأطفال”. وقد حافظ المصنع لعقود على تقاليده في التصنيع اليدوي، مستخدمًا آلات لم تتغير منذ عشرات السنين.

إلا أن هذه الصورة الكلاسيكية بدأت تتغير مؤخرًا، مع انخراط المصنع في مشروع بحثي بالتعاون مع جامعات ألمانية، لتطوير دمى مزودة بتقنيات استشعار ذكية تستجيب للصوت والحرارة والحركة.

أداة تواصل عاطفي بين أفراد العائلة

يهدف مشروع “بيتبلاش” إلى تعزيز التواصل العاطفي بين الأطفال وأفراد أسرهم، خاصة الذين يعيشون في أماكن متفرقة. فبحسب أرنيه بيرجر، أستاذ التفاعل البشري مع الحاسوب بجامعة أنهالت، يمكن لدمى ذكية أن تتفاعل بين بعضها البعض؛ كأن يشعر الطفل بأن دميته “ترد” على عناق جدته لدميتها الأخرى.

ويضيف بيرجر أن هذه التقنية “تتجاوز التواصل السمعي والبصري التقليدي، من خلال استخدام التفاعل الجسدي واللمسي كوسيلة للتواصل”، مشيرًا إلى أن المشروع يحظى بدعم من وزارة التعليم الألمانية بتمويل يبلغ 3.1 ملايين دولار.

تحذيرات أمنية: هل تتحول الدمية إلى جاسوس؟

رغم الإمكانيات العاطفية والتعليمية التي تقدمها الدمى الذكية، إلا أن السلطات الأمنية الألمانية دعت إلى الحذر، مؤكدة أن هذه الألعاب قد تتحول إلى أدوات مراقبة داخل غرف الأطفال.

وفي تحذير صريح، شددت الجهات الأمنية على ضرورة مراقبة مستوى الأمان في الألعاب الذكية، خاصة مع قدرتها على تسجيل الأصوات والبيانات الشخصية، ما يجعلها عرضة للاختراق أو سوء الاستخدام.

مخاوف بيئية وصعوبات في التصنيع

إضافة إلى التحديات الأمنية، أوضح بيرجر أن هذه الدمى الذكية تُخلّف نفايات تقنية معقدة، ولا تكون دائمًا قابلة للغسل أو آمنة للأطفال لفترات طويلة. كما أشار إلى وجود صعوبات في إنتاج هذه النوعية من الألعاب مع النقص المتزايد في العمالة الماهرة بألمانيا، وهو ما يهدد استمرارية صناعة لعب الأطفال التقليدية.

الدمية الذكية لم تولد بعد.. والتحديات قائمة

حتى الآن، لم يُنتج المصنع أي نموذج نهائي من الدمية الذكية، ولا تزال الأبحاث مستمرة لعامين قادمين. وبينما تبدي الشركة حذرًا في اعتماد التقنية بشكل كامل، يؤكد مدير الإنتاج إلياس ستايجر أن المصنع “يتبنى الابتكار بحذر، دون التفريط في القيم التقليدية”.

ومع تصاعد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، يبقى السؤال: هل تكون دمية المستقبل صديقة حقيقية للطفل… أم عينًا تراقب داخل غرفته؟

 

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 883

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *