فهل تُهدد موجة الإهلاك أرباحها؟
استثمارات هائلة ونمو بطيء يثير القلق بين المستثمرين
تواجه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية ضغوطًا متزايدة في ظل اندفاعها الجماعي نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ما يثير تساؤلات جادة في أوساط المستثمرين بشأن جدوى هذه النفقات الهائلة ومدى تأثيرها على هوامش الأرباح مستقبلاً.
فبينما تستعد شركات مثل “ألفابت”، و”أمازون”، و”ميتا”، و”مايكروسوفت” لإنفاق ما يصل إلى 311 مليار دولار على النفقات الرأسمالية خلال عام 2025، يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 337 مليار دولار بحلول 2026، بحسب بيانات جمعتها وكالة “بلومبرغ”.
تدفق نقدي يتآكل.. وقلق من تسونامي الإهلاك
المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “كالودين كابيتال مانجمنت”، جيم مورو، يرى أن الشركات أصبحت “تراهن بكامل رأسمالها على المستقبل”، محذرًا من تراجع الديناميكية المالية التي لطالما ميزت شركات التكنولوجيا، بسبب تآكل التدفقات النقدية.
وأضاف: “تسونامي من الإهلاك يلوح في الأفق”، في إشارة إلى الاستنزاف السريع لقيمة الأصول المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل الخوادم ومعدات الشبكات، والتي تفقد قيمتها أسرع بكثير من الأصول التقليدية كالعقارات.
تكلفة ضخمة دون مردود فوري
في الربع الأول من العام، بلغت نفقات الإهلاك المجمعة لكل من “مايكروسوفت”، و”ألفابت”، و”ميتا” نحو 15.6 مليار دولار، مقارنة بـ11.4 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي. ومع احتساب “أمازون”، تقترب القيمة من الضعف.
رغم هذا، لم تظهر الإيرادات نمواً موازياً، وهو ما أكده روب ألميدا، من شركة “MFS للاستثمار”، بقوله: “كان يُعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون ماكينة لجني الأموال منذ البداية، لكن هذا لم يحدث فعلياً”.
الأسهم تنتعش.. لكن الربحية في مرمى الخطر
رغم المخاوف، لا تزال أسهم شركات الذكاء الاصطناعي تسجل أداءً قويًا. فقد ارتفع صندوق “Global X AI & Technology ETF” بنسبة 34% منذ 8 أبريل، بينما قفزت أسهم “إنفيديا” بنسبة 49%، و”ميتا” بـ37%، و”مايكروسوفت” بـ33%، متجاوزة أداء مؤشر “إس آند بي 500” الذي سجل 21%.
ويعكس هذا الزخم ثقة المستثمرين في قدرة الشركات على قيادة المرحلة المقبلة من ثورة الذكاء الاصطناعي، رغم تباطؤ العوائد.
خطوات لمواجهة الإهلاك.. وتمديد أعمار الأصول
في محاولة للحد من تأثير الإهلاك على الأرباح، بدأت شركات مثل “ميتا” و”مايكروسوفت” بتمديد العمر الإنتاجي لأصولها. فقد رفعت “ميتا” عمر خوادمها إلى 5.5 سنوات بدلًا من 4، مما زاد أرباحها بمقدار 695 مليون دولار في الربع الأول.
أما “مايكروسوفت” فمددت العمر الإنتاجي للأصول منذ 2022 إلى 6 سنوات، بينما اتجهت “أمازون” بالعكس، وخفّضت العمر الإنتاجي من 6 إلى 5 سنوات، ما قد يزيد من أعباء الإهلاك مجددًا.
أزمة 2022 شبح يطارد المستثمرين
يخشى المستثمرون من تكرار سيناريو عام 2022، حين تسببت أرباح مخيبة وارتفاع أسعار الفائدة في انهيار أسهم التكنولوجيا. ويحذر مورو من أن فشل الذكاء الاصطناعي في تحقيق عوائد واضحة قد يُشعل “موجة عاتية تضرب الأرباح”.
خلاصة المشهد
الرهانات الضخمة على الذكاء الاصطناعي قد تُفضي إلى ريادة تكنولوجية لعقود، لكنها تأتي على حساب ضغط متزايد على الميزانيات العمومية وصافي الأرباح، في وقت ينتظر فيه المستثمرون أن تتحول هذه التكاليف إلى مكاسب حقيقية.
السؤال المحوري الآن: هل تستطيع هذه الشركات تحويل الرؤية إلى أرباح.. قبل أن يغرقها الإهلاك؟




