تحليل مليون معلم من الحمض النووي في وقت واحد
كشفت شركة جوجل عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم AlphaGenome، يتميز بقدرته على تحليل مليون معلم من الحمض النووي دفعة واحدة، في خطوة تُعد غير مسبوقة في عالم علم الجينوم. ويعد هذا النموذج نقلة نوعية في فهم تنظيم الجينات والتنبؤ بتأثير الطفرات الوراثية، ما يمهد الطريق لثورة في الطب الجيني والعلاجات المستقبلية.
تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة لرصد أدق الأنماط الجينية
يعتمد AlphaGenome على مزيج من الشبكات العصبية الالتفافية وتقنية المحولات (Transformers)، ما يُمكّنه من التقاط الأنماط الدقيقة في تسلسل الحمض النووي، ومشاركة المعلومات عبر تسلسلات جينية طويلة. هذه التقنية تتيح له التنبؤ بتعبير الجينات، وتحديد مواقع الربط الجيني، والتعرف على أماكن ارتباط البروتينات بدقة عالية.
تفوق في الاختبارات المعيارية وتدريب أسرع بموارد أقل
تم تدريب AlphaGenome على قواعد بيانات بيولوجية ضخمة تشمل ENCODE وGTEx وFANTOM5، ونجح في تحقيق نتائج مذهلة، حيث تفوق أو عادل أداء النماذج السابقة في 24 من أصل 26 اختبارًا معياريًا. المثير أن هذا النموذج تم تدريبه في أقل من 4 ساعات فقط، وباستخدام نصف الموارد الحسابية التي احتاجها نموذج غوغل السابق Enformer، مما يجعله أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
ثورة في تشخيص الأمراض الوراثية
يمثل AlphaGenome أداة قوية في مجال تشخيص الأمراض الوراثية، إذ يستطيع مقارنة تسلسلات الحمض النووي الطبيعية بتلك المتحوّرة، والتنبؤ بتأثير الطفرات الجينية النادرة، بما في ذلك تلك المرتبطة بأمراض مثل التليف الكيسي وسرطان الدم.
وفي تجربة بارزة، تنبأ النموذج بدقة بكيفية تفعيل طفرة جينية مسؤولة عن سرطان الدم الجيني TAL1، وهو ما يتماشى مع آلية مرضية موثقة سابقًا، ما يعكس إمكاناته في التفسير الدقيق للعمليات البيولوجية.
تصميم الحمض النووي الصناعي بدقة مذهلة
لا يقتصر دور AlphaGenome على تشخيص الأمراض فقط، بل يمتد إلى تصميم الحمض النووي الصناعي. يمكن استخدامه لتطوير تسلسلات جينية يتم تفعيلها في أنواع معينة من الخلايا فقط — مثل الخلايا العصبية دون التأثير على خلايا العضلات — مما يفتح المجال أمام علاجات جينية موجهة ودقيقة.
الاستخدام البحثي فقط في الوقت الراهن
رغم إمكاناته الثورية، لا يزال AlphaGenome غير مخصص للاستخدام السريري أو تحليل الجينوم الشخصي، كما يواجه تحديات في فهم التفاعلات الجينية المعقدة بعيدة المدى. ومع ذلك، أتاحت غوغل النموذج عبر واجهة برمجة التطبيقات (API) للباحثين، بهدف تسريع الاكتشافات العلمية في مجالات الوراثة والبيولوجيا الجزيئية.
هل نقترب من فك شيفرة الحياة؟
مع أدوات مثل AlphaGenome، يبدو أننا على أعتاب عصر جديد في علم الأحياء والطب، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد العلماء في فهم الشيفرة الوراثية على مستوى غير مسبوق، وربما يؤدي ذلك إلى تصميم علاجات مخصصة وحتى إعادة كتابة الجينوم البشري مستقبلاً.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيكون AlphaGenome المفتاح الحقيقي لفهم الأمراض الوراثية وتحقيق حلم الطب الشخصي؟




