شهد مجال تحليل الشخصية تطورًا لافتًا مع دخول الذكاء الاصطناعي على الخط، حيث باتت الخوارزميات الحديثة قادرة على التنبؤ بالسمات النفسية للفرد من خلال النصوص والصوت وحتى الصور والفيديو، ما يمنحها مكانة متقدمة في مجالات مثل التوظيف والتعليم والصحة النفسية.
السمات الشخصية مفتاح التفاعل البشري والتقني
الشخصية، بوصفها مجموعة سمات نفسية مستقرة، تلعب دورًا حاسمًا في تفسير سلوك الإنسان وتفاعله مع الآخرين ومع الأنظمة الذكية. ويؤكد خبراء أن تحليل الشخصية لا يساعد فقط في فهم الذات، بل يسهم أيضًا في تحسين جودة العلاقة بين الإنسان والآلة، ما يفتح المجال أمام تطبيقات متنوعة تشمل الإعلان، والتمويل، والتوظيف. وذلك وفق تقرير نشرته “الشرق الأوسط”.
من النصوص إلى الفيديو: رحلة الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الذات
يقول إليوت غاتنينغنو، مدير التعليم في شركة «أثينا» للتدريب، إن أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة أصبحت قادرة على تحليل النصوص المكتوبة، ونبرة الصوت، وتعبيرات الوجه في الفيديوهات، لتكوين صورة دقيقة عن شخصية الفرد. ويشير إلى أن هذه القدرات تتيح تحليل الشخصية دون الحاجة إلى استبيانات تقليدية أو تقارير ذاتية، مما يقلل من التحيز ويزيد من دقة النتائج.
بيئة العمل والمطابقة النفسية
ويضيف غاتنينغنو، في مقاله على موقع «نولدج إنسايد»، أن الذكاء الاصطناعي يتيح إمكانية التنبؤ بالتطابق أو التعارض المحتمل بين زملاء العمل أو بين مقدم الخدمة والعميل، وهو ما يعد عاملًا مهمًا في تعزيز الأداء والتكامل داخل المؤسسات.
كيف تعمل خوارزميات تحليل الشخصية؟
تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات السلوكية واللغوية، مثل تسجيل المقابلات أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. وتستخدم هذه النماذج تقنيات متقدمة مثل تحليل فئات الكلمات باستخدام قاموس (LIWC)، الذي يربط بين نوعية الكلمات وسمات الشخصية مثل العصابية والانبساط.
البيانات الكافية شرط لتحليل دقيق
يشدد الخبراء على أن فعالية هذه الخوارزميات ترتبط بوفرة البيانات، إذ إن استنتاج السمات الشخصية بدقة يتطلب تحليل كمٍّ كبير من السلوك اللغوي أو البصري. ومع تزايد البيانات المتاحة عن الفرد، ترتفع موثوقية نتائج الذكاء الاصطناعي.
الصور والفيديو… قراءة جديدة للوجه والمشاعر
لم يعد تحليل النصوص كافيًا وحده، إذ تتجه الأنظار أيضًا إلى الفيديوهات والصور لرصد تعبيرات الوجه وسلوكيات الجسد التي تعكس مؤشرات دقيقة على الحالة النفسية وسمات الشخصية. وتعزز الشبكات العصبية وتقنيات التعلم العميق هذا التوجه، في وقت تتوسع فيه مجالات تحليل الشخصية لتجمع بين علم النفس وعلوم الحاسوب.
أدوات تحليل الشخصية بالذكاء الاصطناعي: الأفضل في السوق
ظهرت خلال السنوات الأخيرة تطبيقات متخصصة في تحليل الشخصية عبر الذكاء الاصطناعي، منها:
- Personality Reveal: أداة تعتمد على تحليل النصوص لاستخلاص سمات الشخصية وتقديم توصيات للتطوير الذاتي، بالاعتماد على تقنيات تحليل المشاعر والمحتوى اللغوي.
- Humantic AI: منصة موجهة للشركات، تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط السلوك وتعزيز فعالية فرق المبيعات والتوظيف وعمليات الإيرادات.
المستقبل: شخصية رقمية بعيون الذكاء الاصطناعي
مع التطورات المتلاحقة في الذكاء الاصطناعي، يتوقع الخبراء أن يصبح تحليل الشخصية عملية رقمية دقيقة وسريعة، تسهم في دعم قرارات التوظيف، والتوجيه المهني، والتقييم النفسي، بل وحتى العلاقات الاجتماعية، ضمن عصر جديد تُرسم فيه ملامح الإنسان بخوارزميات فائقة الذكاء.




