هل تتحول أفريقيا إلى قوة في الذكاء الاصطناعي بدلاً من مستعمرة رقمية؟

بينما تتسابق القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين على السيطرة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، تواجه أفريقيا تحديًا وجوديًا يتمثل في خطر التحول إلى “مستعمرة رقمية”، تعتمد على نماذج وبنى تحتية لم تُصمم خصيصًا لاحتياجاتها.

لكن القارة السمراء بدأت في التحرك لتغيير هذا الواقع، وسط دعوات لتجاوز دور المستهلك إلى دور المُنتج والمُبتكر في هذا القطاع الحيوي.

من المستهلك إلى الفاعل: أفريقيا تدخل سباق الذكاء الاصطناعي

أفريقيا لا تريد الاكتفاء بتدريب الآلاف من الشباب في مجالات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، بل تسعى لخلق وظائف حقيقية تحتضن هذه الكفاءات داخل بلدانها، بدلاً من تصديرهم إلى الغرب.

كما يقول أحد الخبراء: “نحن ندرّب طهاة عالميين في مدينة بلا مطاعم”، في إشارة إلى غياب الفرص رغم وجود الكفاءات.

فرصة لبناء نموذج جديد من الصفر

بينما يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي في الغرب على أنه عامل يهدد الوظائف ويُفكك المؤسسات، ترى أفريقيا فيه فرصة لبناء منظومة جديدة أكثر مرونة وشمولًا، خاصة في ظل عدم اندماجها الكامل في النماذج القديمة.

في دول مثل إثيوبيا، التي لا يتجاوز عدد أطبائها المحليين 10 آلاف طبيب مقابل أكثر من 120 مليون نسمة، تبدو الحاجة ملحّة إلى حلول بديلة، خاصة مع وجود عدد أكبر من الأطباء الإثيوبيين في الولايات المتحدة نتيجة لهجرة العقول.

الذكاء الاصطناعي كرافعة اقتصادية جديدة

الذكاء الاصطناعي لا يُقصي المتخصصين، بل يزيد من فاعليتهم. في الريف الأفريقي، يمكن تدريب مساعدين صحيين على استخدام أدوات ذكاء اصطناعي لتقديم خدمات تشخيص أولية. وفي المجال القانوني، يمكن توفير استشارات قانونية عبر تطبيقات مثل “واتساب”، مدعومة بنماذج معرفية محلية.

أما في الزراعة، فيتم استخدام طائرات دون طيار وبيانات ذكية لتحسين الإنتاجية، وهي مشاريع بدأت بالفعل في عدد من البلدان الأفريقية.

الشركات الكبرى مفتاح خلق الطلب المحلي

لنجاح هذا التحول، لا بد من خلق طلب محلي حقيقي على هذه الحلول. هنا يأتي دور شركات مثل “MTN” و”Safaricom” و”Ecobank” و”Access Bank”، التي تمتلك شبكات توزيع ضخمة وفهمًا دقيقًا لاحتياجات السوق.

هذه الشركات يُمكن أن تكون من أوائل الممولين والمستخدمين لتقنيات الذكاء الاصطناعي المحلية، مما يُسرّع عملية التبني ويدفع بعجلة الابتكار.

نحو نظام تنظيمي يُناسب المرحلة الجديدة

الثورة الرقمية في أفريقيا تحتاج أيضًا إلى تغيير جذري في أنظمة التقييم والتعليم، بحيث يُقاس المبتكرون بنتائجهم لا بشهاداتهم فقط، كما يجب تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تراعي الخصوصيات الثقافية واللغوية للقارة.

فالخطر لا يكمن في التأخر فحسب، بل في أن تتحول أفريقيا إلى مجرد “مورد بيانات خام” للغرب، إذا لم تُشارك بفاعلية في صياغة النظام الاقتصادي الرقمي الجديد.

خاتمة: الوظائف موجودة.. لكنها تحتاج لمن يُحرّرها

الفرص موجودة، والكوادر البشرية متوفرة، لكن البنية التحتية الضعيفة والاستثمار المحدود ما زالا يعوقان تحوّل أفريقيا إلى قوة في الذكاء الاصطناعي.

وإذا ما تم تهيئة البيئة المناسبة، فإن القارة ستكون أمام فرصة تاريخية لتصميم مستقبلها الرقمي بأيدي أبنائها، لا أن تبقى على هامش الابتكار العالمي.

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *