هل يقود الذكاء الاصطناعي الأسواق إلى طفرة اقتصادية أم فقاعة مالية جديدة؟

استثمارات ضخمة تدفع الذكاء الاصطناعي إلى صدارة الاقتصاد العالمي

يشهد العالم سباقًا محمومًا للاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تحولت شركات محدودة مثل إنفيديا، مايكروسوفت، وأمازون إلى محركات رئيسية لارتفاع المؤشرات الأميركية.
ووفقًا لتقرير إيكونوميست، ارتفعت قيمة سوق الأسهم الأميركية منذ إطلاق تطبيق “شات جي بي تي” في 2022 بأكثر من 21 تريليون دولار، استحوذت عشر شركات كبرى على 55 بالمئة منها.

مخاوف من فقاعة تكنولوجية تهدد النظام المالي

رغم الزخم الكبير، يحذر خبراء من احتمالية نشوء فقاعة مالية جديدة، مشيرين إلى أن الإيرادات الفعلية لا تزال محدودة مقارنة بحجم الاستثمارات الضخم.
تقرير صادر عن بنك UBS أوضح أن إيرادات أبرز شركات الذكاء الاصطناعي في الغرب لا تتجاوز 50 مليار دولار سنويًا، وهو أقل بكثير من توقعات الاستثمار البالغة 2.9 تريليون دولار في مراكز البيانات بين 2025 و2028. وفق تقرير نشرته “سكاي نيوز عربية”.

تقييمات مرتفعة دون أساس ربحي

المستشار الأكاديمي أحمد بانافع أوضح لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية أن أسهم الذكاء الاصطناعي تشهد تقييمات مفرطة لا تستند إلى أرباح واضحة أو تدفقات نقدية مستقرة.
وأضاف أن الاعتماد على عدد محدود من الشركات لقيادة مؤشرات كبرى مثل “ستاندرد آند بورز 500″ و”ناسداك” قد يعرّض الأسواق لهزات عنيفة في حال تراجع قيم هذه الشركات.

إشارات مقلقة في السوق

بحسب بانافع، هناك مؤشرات تستدعي الحذر أبرزها:

  • تضخم تقييمات شركات ناشئة بمليارات دون نتائج مالية.
  • تركّز الأداء في عدد محدود من الأسهم العملاقة.
  • ضخ استثمارات ضخمة بمجرد الارتباط بمصطلحات مثل “الذكاء الاصطناعي التوليدي”.
  • إنفاق مفرط على مراكز البيانات والرقائق.
  • اعتماد الأسواق على مضاربات أكثر من القيمة الحقيقية.

مخاطر نظامية على الاقتصاد العالمي

من جانبه، أكد خبير أسواق المال محمد سعيد أن خطر فقاعة الذكاء الاصطناعي قد يمتد إلى النظام المالي بأكمله، موضحًا أن الوزن الكبير لشركات مثل إنفيديا ومايكروسوفت يجعل أي هبوط في أسهمها قادرًا على جر مؤشرات كبرى إلى الأسفل.
وأشار إلى أن خسائر الفقاعات غالبًا ما تصل إلى 50 بالمئة من قيمة بعض الأسهم، ما يؤدي إلى تراجع الاستهلاك وتبخر الثروات، إضافة إلى تأثيرات سلبية على قطاعات مرتبطة مثل أشباه الموصلات والحوسبة السحابية.

سام ألتمان: “السوق في فقاعة”

الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، صرّح مؤخرًا أن أسواق الذكاء الاصطناعي تعيش بالفعل في فقاعة استثمارية، محذرًا من أن وتيرة الاستثمارات الحالية تفوق بكثير العوائد المحققة.
تحذيرات مشابهة صدرت من رجال أعمال بارزين مثل جو تساي، راي داليو، وتورستن سلوك الذين شبّهوا الوضع الحالي بفقاعة الإنترنت في التسعينيات، بل واعتبر بعضهم أنها أكبر حجمًا.

خبراء: ليست فقاعة تقنية بل فقاعة تقييمات

الدكتور حسين العمري، أستاذ علم الحاسوب في وادي السيليكون، أكد أن الذكاء الاصطناعي نفسه يمثل ثورة تقنية حقيقية ستستمر لعقد قادم على الأقل، لكن المبالغة في تقييم الشركات هي ما قد يشكّل “الفقاعة”.
وأشار إلى أن المخاطر مزدوجة: الأولى مالية تتعلق بخسائر المستثمرين، والثانية اقتصادية قد تؤدي إلى تباطؤ الابتكار وتقليص تمويل البحث والتطوير.

سيناريوهات محتملة لانفجار الفقاعة

  • خسائر مباشرة للمستثمرين وصناديق التقاعد.
  • انتقال العدوى إلى قطاعات التكنولوجيا والاقتصاد ككل.
  • تباطؤ الابتكار نتيجة انكماش الاستثمارات.
  • مخاطر على النظام المالي العالمي في حال تعرض البنوك والشركات الممولة لضغوط سيولة.

الحاجة إلى حذر وتنويع استثماري

يتفق الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي يمثل رافعة اقتصادية كبرى، لكن الإفراط في التفاؤل والمضاربة قد يجر الأسواق إلى تصحيح مؤلم.
ويؤكدون أن التنويع الاستثماري، مع رقابة تنظيمية أكثر صرامة، يبقى الحل الأمثل لتفادي تكرار سيناريوهات فقاعات تاريخية مثل الإنترنت والسكك الحديدية.

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1319

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *