الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل طفولة الصغار في الصين

تشهد الصين تحولاً جذرياً في حياة الأطفال، بعد دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي عالم التعليم والمنزل، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية داخل الصفوف الدراسية والمنازل.

تقنيات الذكاء الاصطناعي تدخل المنازل والمدارس

أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل “ديب سيك” و”كوين” تُستخدم على نطاق واسع في قطاعات متنوعة، من التعليم والصحة إلى الزراعة، في إطار سعي الحكومة الصينية لتسريع التقدم التكنولوجي ومنافسة الولايات المتحدة.

في مقاطعة جيانغسو، استخدمت المعلمة الجامعية وو لينغ كلباً آلياً يُدعى AlphaDog لتعليم ابنها اللغة الإنجليزية. يبلغ ارتفاع الروبوت 30 سنتيمتراً ووزنه 8 كيلوغرامات، ويعمل بالذكاء الاصطناعي المطور من شركة Weilan.

لا يقتصر دور AlphaDog على تعليم اللغة، بل يرقص ويغني، ويتحدث مع الطفل عن الأخبار والطقس، ويساعد والدته على مراقبة المنزل عبر كاميرا مدمجة. وو تقول: “أصبح AlphaDog فرداً من العائلة، وابني يتعلم منه عن العالم من حوله”.

صناعة بمليارات الدولارات

تحولت تقنيات التعليم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى صناعة بمليارات الدولارات في الصين، مدعومة بسياسات الحكومة التي تشجع على دمج الذكاء الاصطناعي في المدارس.

صدر في أغسطس الماضي توجيه رسمي بضرورة دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم لتخصيص أساليب التدريس، تحسين جودة التعلم، وتقليص الفجوة بين الطلاب.

مخاوف من جيل يعتمد على الآلات

يحذر خبراء التربية من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يقلل التفاعل الاجتماعي للأطفال ويضعف مهارات التفكير الذاتي.

جيريمي نوكس، أستاذ مساعد في جامعة أكسفورد، يقول: “عندما يعتمد الأطفال على الإجابات الآلية، يفقدون قدرتهم على التفكير بأنفسهم”.

كما يخشى بعض الباحثين من أن تتسع الفجوة بين التعليم في المدن والمناطق الريفية، حيث يقضي الأطفال في المناطق النائية ساعات طويلة أمام الشاشات، في حين يحصل أقرانهم في المدن على تعليم مباشر من المعلمين.

سباق المدارس لتبني الذكاء الاصطناعي

تسعى السلطات المحلية في الصين لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المدارس بشكل متسارع. أصبح تعليم الذكاء الاصطناعي إلزامياً في بكين، بينما تخطط مقاطعة شاندونغ لتزويد 200 مدرسة بتقنيات تعليم ذكية خلال خمس سنوات وتدريب جميع المعلمين على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

أما منطقة غوانغشي، فقد بدأت تجربة “المعلم الآلي” و”المرشد المهني الذكي” و”المستشار النفسي الافتراضي”. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه التقنيات لم تُحدث تغييراً حقيقياً في جودة التعليم، إذ تقول يونغ تشاو، أستاذ التربية في جامعة كنساس: “المدارس الصينية ما زالت تتبع مناهج صارمة تحد من حرية التجربة، رغم اعتمادها على الذكاء الاصطناعي”.

علاج آلي ومربيات رقمية

لم يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على التعليم فقط، بل شمل الصحة النفسية للأطفال. شركات مثل “Ling Xin Intelligence” قدمت مقصورات علاج نفسي رقمية في حوالي 200 مدرسة، حيث يتحدث الطلاب إلى وكلاء رقميين عن ضغوط الدراسة أو مشاكلهم الأسرية.

كما تعتمد بعض الأمهات على الذكاء الاصطناعي لرعاية أطفالهن في المنزل. تقول تونغ مينغبو، أم من هانغتشو: “أترك ابني البالغ 4 أعوام يتحادث مع تطبيق Doubao من بايت دانس ليأخذ قسطاً من الراحة”.

ويضيف التطبيق وظائف تعليمية وترفيهية، مثل رواية القصص ومواساة الطفل عند البكاء، لكن بعض الأمهات لاحظن تراجع صبر أطفالهن بعد الاعتماد على هذه التطبيقات.

بين الإغراء والقلق

رغم المخاوف، يبقى حماس الأسر الصينية قوياً تجاه الذكاء الاصطناعي، معتبرين أنه يمنح أبنائهم فرصة للتفوق الدراسي بتكلفة أقل من الدروس الخصوصية.

ومع ذلك، يحذر المختصون من أن الاعتماد المفرط قد يولد جيلاً يعرف كيف يتعامل مع الآلات أكثر من البشر، مما يطرح تساؤلات حول التأثير الاجتماعي والعاطفي للأطفال في المستقبل.

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1319

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *