تخوض “ميتا” معركة شرسة في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتأتي أحدث خطوة لها من خلال الكشف عن مشروع طموح يُعرف داخليًا باسم “Project Luna”. لا يعد هذا المشروع مجرد تحديث عادي، بل هو محاولة استراتيجية لاستخدام أكبر نقاط قوة “ميتا”—شبكتها الاجتماعية الهائلة—لتقديم تجربة مستخدم فريدة قد تشكل تحديًا مباشرًا لعمالقة مثل “ChatGPT” و”جيميني”.
ما هو “Project Luna”؟ المفهوم والتطبيق
“Project Luna” هو خدمة ذكية قيد التطوير تهدف إلى تزويد مستخدمي “فيسبوك” بـ موجز صباحي يومي وشخصي للغاية. يختلف هذا الموجز عن التنبيهات العادية أو خلاصة آخر المنشورات؛ إنه مصمم ليكون موجزًا ملخصًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي يلخص كل ما فات المستخدم أو يهمه.
آلية العمل والتخصيص الفائق
تعتمد الميزة على دمج مصدرين أساسيين لتحقيق التخصيص:
المحتوى الداخلي: تحليل نشاط المستخدم وتفاعلاته والمحتوى الذي يهتم به داخل منصة “فيسبوك”.
المصادر الخارجية: جلب المعلومات والأخبار والتحديثات من مصادر معلومات عامة موثوقة خارج المنصة.
هذا المزيج يهدف إلى تقديم “لوحة تحكم” واحدة في الصباح تلخص الأحداث الاجتماعية، الأخبار العالمية، والمواضيع الشخصية التي تهم المستخدم.
الرؤية الاجتماعية للذكاء الاصطناعي
تسعى “ميتا” إلى منح الذكاء الاصطناعي لديها “لمسة اجتماعية”. بدلاً من مجرد كونه محرك محادثة أو إنشاء محتوى، يتمحور “Project Luna” حول تنظيم المحتوى وجعله أكثر عملية وسهل الهضم ضمن السياق الاجتماعي لشبكة “فيسبوك”.
لماذا تراهن “ميتا” على “لونا” الآن؟ دوافع المنافسة والإيرادات
تأتي أهمية “Project Luna” من سياق السوق الحالي والمحاولات السابقة لـ “ميتا” في مجال الذكاء الاصطناعي:
اللحاق بالمنافسين الكبار (OpenAI، غوغل، مايكروسوفت)
تُنفق “ميتا” مليارات الدولارات على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتوظيف الكفاءات. ومع ذلك، لم تصل أدواتها بعد إلى الانتشار الجماهيري الذي حققته أدوات المنافسين مثل “ChatGPT” (من OpenAI) و”جيميني” (من غوغل) و”كوبايلوت” (من مايكروسوفت). يمثل “لونا” محاولة لتقديم منتج ذكاء اصطناعي ملموس وعملي يلامس روتين المستخدم اليومي.
“تفعيل” إيرادات الذكاء الاصطناعي
لطالما ركزت “ميتا” على الإعلانات كمركز إيرادات. يرى الخبراء أن إطلاق خدمة ذكية ناجحة ومندمجة بعمق في الشبكة الاجتماعية سيفتح الباب أمام “إيرادات الذكاء الاصطناعي” الجديدة. يمكن أن يشمل ذلك محتوى مدفوعًا مخصصًا، أو إعلانات فائقة التخصيص ضمن الموجز الصباحي.
إنعاش “فيسبوك”
رغم نجاح “إنستغرام” و”واتساب”، يواجه “فيسبوك” تحديات في الحفاظ على الحيوية والتفاعل. إذا نجح “Project Luna” في تحويل تجربة المستخدم من فوضى التنبيهات إلى ملخص منظم وقيمة مضافة، فقد يعزز ذلك من ولاء المستخدمين ويعيدهم إلى المنصة بشكل منتظم.
أين وصلت التجارب والتوقعات المستقبلية؟
المشروع لا يزال في مراحل الاختبار الأولية ويواجه تحديات، ولكنه يمتلك إمكانيات كبيرة:
1. الاختبارات الأولية والنطاق
تخطط “ميتا” لبدء اختبار الميزة على مجموعة صغيرة من المستخدمين في نيويورك وسان فرانسيسكو كخطوة أولى. هذا النطاق المحدود سيسمح للشركة بجمع الملاحظات وتحسين دقة التخصيص ونوعية المحتوى قبل إطلاقه بشكل أوسع.
2. التوسع المحتمل إلى المنصات الأخرى
حتى الآن، لم تُؤكد “ميتا” نيتها في توسيع “Project Luna” إلى منصات أخرى مملوكة لها مثل “إنستغرام”، و”ثريدز”، أو “واتساب”. ومع ذلك، قد يكون المنطق الاستراتيجي يدفع باتجاه دمج هذه الخدمة القوية عبر نظامها البيئي الكامل.
3. التحدي الأكبر: تجاوز التجارب السابقة
واجهت أدوات الذكاء الاصطناعي السابقة لـ “ميتا” (مثل المحتوى المُنشأ آليًا في الفيديوهات) انتقادات ولم تلقَ قبولًا واسعًا. التحدي الأكبر لـ “Project Luna” هو تقديم جودة عالية وموثوقية في الموجز اليومي، للتأكيد للمستخدم أن هذه الميزة هي قيمة حقيقية وليست مجرد ضوضاء رقمية أخرى.




