تستمر احتجاجات عديد من الفنانين المتخصصين في صناعة ألعاب الفيديو، على لجوء الشركات المطورة إلى الاستخدام “غير المنظم” لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تلك الصناعة، ويتفاقم من جديد الشعور لديهم من القلق على وظائفهم المهددة.
فلساعات طويلة، كانت أجهزة استشعار الحركة المثبتة على جسد نوشير دلال، تتعقب حركاته بينما كان ينفذ ضربات عديدة ورشيقة، وهجمات بيد واحدة من شأنها أن تظهر لاحقًا في لعبة فيديو، الأمر الذي وصل به في نهاية الأمر إلى قطع وتر في ساعده، حتى أنه بعد يوم تصوير طويل لم يستطع فتح مقبض باب سيارته.
ونوشير دلال، هو أحد الفنانين المتخصصين في تأدية الحركات التي تتم محاكاتها داخل الرسومات المتحركة لألعاب الفيديو، وقد عبر في حديث إلى وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، عن المتاعب والصعوبات التي يواجهها وزملاؤه في ذلك المجال.
اقرأ أيضا: ما سبب تأخر جوجل في سباق AI؟.. رئيسها السابق يجيب
إذ أن الضغط الجسدي الذي يتطلبه هذا النوع من العمل الحركي، والساعات التي يتم قضاؤها فيه، هي جزء من السبب الذي يجعل “دلال” يعتقد أن جميع مؤدي ألعاب الفيديو يجب أن يتم حمايتهم بشكل متساوٍ من استخدام الذكاء الاصطناعي غير المنظم.
فنانون: الذكاء الاصطناعي يهدد وظائفنا
يقول مؤدو ألعاب الفيديو إنهم يخشون أن يقلل الذكاء الاصطناعي من فرص العمل أو يقضي عليها تمامًا، لأن هذه التقنية يمكن استخدامها لتكرار أداء واحد في مجموعة من الحركات الأخرى دون موافقتهم، وكانت هذه المخاوف سببًا في قيام نقابة ممثلي الشاشة (الاتحاد الأمريكي لممثلي التلفزيون والراديو) بالإضراب في أواخر يوليو.
اقرأ أيضا: حملة لحماية راصدي “مخالفات الذكاء الاصطناعي” من الاستهداف
وقال دلال، الذي مثل دور بود أكونا في لعبة “ستار وورز جيدي: سرفايفر”، إنه إذا كان ممثلو الحركة، أو ممثلو ألعاب الفيديو عمومًا، يكسبون فقط المال الذي يكسبونه في ذلك اليوم، فإن هذا سيشكل خطرا على وظائفهم مستقبلا، مضيفا أن هذا هو السبب في أن الشفافية والتعويضات مهمة جدًا بالنسبة للفنانين لحمايتهم من تهديد الذكاء الاصطناعي.
وفي مرحلة التقاط الحركة في ألعاب الفيديو، يرتدي الممثلون بدلات خاصة، تتيح رصد التفاعلات الأكثر تعقيدًا، ثم يقوم الممثلون بأداء حركات أساسية مثل المشي والجري أو حمل جسم ما، ويستخرج الرسامون من تلك التسجيلات الحركية ويربطونها معًا للاستجابة لما يفعله شخص يلعب اللعبة.
احتجاجات وإضراب
كان مؤدو ألعاب الفيديو في هوليوود أعلنوا مؤخرا التوقف عن العمل، بعد أن انهارت أكثر من 18 شهرًا من المفاوضات بشأن اتفاقية الوسائط التفاعلية الجديدة مع عمالقة صناعة الألعاب، بسبب مطالبهم بحمايتهم من الذكاء الاصطناعي.
وقال أعضاء النقابة إنهم “ليسوا ضد الذكاء الاصطناعي”، ومع ذلك، فإن المؤدين قلقون من أن التقنية قد توفر استوديوهات للألعاب وسيلة لإبعادهم.
اقرأ أيضا: شركة سويسرية تسمح باستئجار حواسيب مصنوعة من “أدمغة البشر”
وقال دلال إنه أخذ الأمر بشكل شخصي عندما سمع أن شركات ألعاب الفيديو التي تتفاوض مع SAG-AFTRA بشأن عقد جديد أرادت اعتبار بعض أعمال الحركة “بيانات” وليس أداءً.
ومعنى ذلك أنه إذا قام اللاعبون بحساب المشاهد التي يشاهدونها في اللعبة ومقارنتها بالساعات التي يقضونها في التحكم بالشخصيات والتفاعل مع الشخصيات غير القابلة للعب، فسوف يرون أنهم يتفاعلون مع أعمال المحاكاة التي ينفذها الذكاء الاصطناعي، وليس الحركات البشرية التي تمت محاكاتها في اللعبة.
تحديات أخلاقية
من جهة أخرى يقول بعض الممثلين إن الذكاء الاصطناعي قد يسلب الممثلين الأقل خبرة فرصة الحصول على أدوار خلفية صغيرة، مثل الشخصيات غير القابلة للعب، حيث عادة ما يكتسبون خبرتهم قبل الحصول على وظائف أكبر.
ويقول المؤدون إن الاستخدام غير الخاضع للرقابة للذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشكلات أخلاقية، إذا تم استخدام أصواتهم أو صورهم لإنشاء محتوى لا يتفقون معه أخلاقيًا.
وقد ظهرت هذه المشكلة الأخلاقية مؤخرًا مع “التعديلات” في الألعاب، حيث يقوم المعجبون بتغيير وإنشاء محتوى جديد للعبة، كما أنه في العام الماضي، انتقد ممثلو الأصوات مثل هذه التعديلات في لعبة Skyrim التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لتوليد أداء الممثلين ونسخ أصواتهم لمحتوى غير أخلاقي آخر.