الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في مراكز الاتصال
في ظل ارتفاع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي (AI) في مراكز الاتصال، يثار السؤال حول ما إذا كان بإمكان هذه التكنولوجيا تحسين قطاع خدمة العملاء أم تقليص فرص العمل للبشر.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ذا إيكونوميست” في 16 أكتوبر 2024، أشارت إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مراكز الاتصال يشهد زيادة كبيرة، مما يجعل البعض يتساءل عن تأثيره على أداء القطاع.
حادثة سونوس وتوظيف الذكاء الاصطناعي
على سبيل المثال، تعرضت شركة “سونوس” Sonos المصنعة لأنظمة الصوت المنزلية لرد فعل سلبي من العملاء بسبب تحديث مشوب بالأخطاء في تطبيقها. واستجابة لذلك، استعانت الشركة بشركة ناشئة تدعى “سييرا” Sierra، لإنشاء روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي لإدارة شكاوى العملاء. وكان لافتًا أن الروبوت لم يتعامل فقط مع الشكاوى بفعالية، بل قدم حلاً بديلاً لإحدى مشكلات التطبيق، مما يبرز إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة العملاء.
توقعات المديرين التنفيذيين حول الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
تشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يغير وجه قطاع خدمة العملاء في المستقبل القريب. وفقًا لاستطلاع أجرته شركة “غارتنر” Gartner، توقع ما يقرب من نصف المديرين التنفيذيين في قطاع خدمة العملاء تأثيرات كبيرة من الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر الـ 12 إلى الـ 18 القادمة.
القطاع واسع جدًا، حيث يوظف نحو 3 ملايين عامل في الولايات المتحدة وحدها، بكلفة سنوية تقدر بحوالي 120 مليار دولار. ويعتمد العديد من العمال في دول مثل الهند والفلبين على هذه الوظائف لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.
التكنولوجيا والرضا الوظيفي في مراكز الاتصال
من جانبه، أشار آندي لي، الشريك المؤسس لشركة “ألوريكا” Alorica، إلى أن الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في مراكز الاتصال قد يؤدي إلى إحباط العملاء والموظفين على حد سواء، حيث تُستخدم عمليات معقدة توفر تكاليف الشركات ولكنها تزيد من التوتر.
الذكاء الاصطناعي التوليدي يُراهَن عليه لتحسين هذا الوضع، حيث شهد تمويل الشركات الناشئة في هذا المجال زيادة ملحوظة، مع ارتفاع من 45 مليون دولار في العام السابق إلى 171 مليون دولار في الربع الثالث من هذا العام.
دور الشركات الكبرى في استخدام الذكاء الاصطناعي
تدخلت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “ألفابيت” Alphabet و”أمازون” Amazon و”مايكروسوفت” Microsoft في هذا المجال لتطوير خدمات ذكاء اصطناعي خاصة بها، تستند إلى البيانات السابقة وتفاعلات خدمة العملاء لتحسين الأداء.
المناقشات حول فعالية الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
رغم التحسينات التكنولوجية، تبقى المناقشات مستمرة حول مدى فعالية الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة العملاء. يعتقد البعض أن التفاعل البشري لا يزال ضروريًا لإدارة تفاعلات العملاء المعقدة، في حين يرى آخرون أن الروبوتات أصبحت قادرة على معالجة معظم الاستفسارات بشكل مستقل.
أعلنت شركة “تويليو” Twilio عن أداة جديدة تتيح إنشاء روبوتات محادثة قادرة على الاستماع والتحدث، مما يعزز تجربة العملاء، فيما تعتمد شركات ناشئة على “التسعير القائم على النتائج”، حيث يتم فرض الرسوم بناءً على نجاح الروبوتات في حل مشكلات العملاء.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
لا تزال آراء العملاء مختلطة حول الذكاء الاصطناعي. كشف استطلاع أجرته “غارتنر” أن 64% من العملاء يفضلون التفاعل مع البشر على استخدام الروبوتات، حيث يشعرون بالقلق من تعقيد الوصول إلى الدعم البشري.
من المتوقع أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في تقليص عدد الوظائف في مراكز الاتصال بنسبة تتراوح بين 20% و30% بحلول عام 2026، وفقًا لتوقعات “غارتنر”. ومع ذلك، قد يتيح هذا التطور للموظفين البشريين التركيز على مهام أكثر إبداعية وتحسين جودة المنتجات والخدمات.
نظرة مستقبلية للذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
رغم المخاوف من فقدان الوظائف، تشير التجارب السابقة إلى أن الموجات التكنولوجية لم تؤد إلى تقليص فرص العمل كما كان متوقعًا. وإذا نجح الذكاء الاصطناعي في تخفيف الأعباء الروتينية، فقد يكون له تأثير إيجابي في تعزيز جودة العمل، مما قد يسهم في تحسين القطاع بشكل عام.