في سباق عمالقة التكنولوجيا لبناء نماذج الذكاء الاصطناعي، اختارت آبل مسارًا مختلفًا يضع خصوصية المستخدم في قلب استراتيجيتها، بعيدًا عن نهج جمع البيانات السحابي الذي تتبعه شركات مثل غوغل ومايكروسوفت.
البيانات التركيبية بدلاً من البيانات الشخصية
تعتمد آبل على البيانات التركيبية لتدريب نظامها “آبل إنتلجنس”، وهي بيانات وهمية تحاكي البيانات الحقيقية، بهدف تعليم النماذج كيفية معالجة البريد الإلكتروني، تلخيص الرسائل، وتحليل النصوص دون الوصول إلى محتوى المستخدمين الفعلي.
وتستخدم الشركة هذه البيانات مع الخصوصية التفاضلية، حيث يتم تحليل البيانات على الجهاز نفسه، ولا تُرسل معلومات شخصية إلى السحابة. وبذلك يمكن تحسين الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على سرية المعلومات وحماية خصوصية المستخدمين.
حماية الخصوصية في كل خطوة
يتمتع خيار مشاركة تحليلات الجهاز بإمكانية الاشتراك الطوعي فقط، مع تعطيله افتراضيًا. ولا تُشارك البيانات الفعلية للرسائل أو أي معلومات مرتبطة بحسابات المستخدمين. تركز آبل على إرسال إشارات رقمية محمية تحدد التضمينات التركيبية الأقرب للبيانات الحقيقية دون كشف هوية المستخدم.
تحديات الابتكار مع الخصوصية
يُعتبر تدريب الذكاء الاصطناعي دون بيانات المستخدمين تحديًا كبيرًا، إذ تؤدي البيانات التركيبية وحدها إلى صعوبة فهم الاتجاهات الدقيقة في النصوص، لكنها تمنع التسريبات والمخاطر المتعلقة بالمعلومات الحساسة.
وقد دفعت هذه الصعوبات آبل إلى تأجيل بعض تحديثات مساعدها الصوتي سيري وإيقاف ميزات ذكاء اصطناعي مؤقتًا عند حدوث أخطاء، لتطوير نماذج أكثر دقة دون المساس بالخصوصية.
استخدام الخصوصية التفاضلية في منتجات آبل
بدأت آبل بتطبيق هذا النهج في جينموجي (Genmoji) لإنشاء رموز تعبيرية مخصصة، حيث يمكن للنظام التعرف على الأنماط الشائعة وتوليد محتوى ذكي دون كشف هوية المستخدم.
وتخطط الشركة لتوسيع نطاق استخدام الخصوصية التفاضلية لتشمل ميزات الذكاء الاصطناعي الأخرى، بما في ذلك تحسين القدرة على فهم النصوص، الحالة المزاجية، والسياق، وهو ما يمهد الطريق لتطبيقات مستقبلية في الصحة والتعليم والخدمات الشخصية.
رؤية آبل للذكاء الاصطناعي
بينما تقدم جوجل ومايكروسوفت إمكانات ضخمة عبر السحابة، تثبت آبل أن الابتكار لا يجب أن يأتي على حساب الخصوصية. وتؤكد الشركة أن الهدف هو منح المستخدمين أدوات ذكية تساعدهم في حياتهم اليومية، دون أن يصبحوا هم المنتج، ما يعكس رؤية شاملة تحافظ على الثقة بالتكنولوجيا في عصر البيانات الرقمية.




