التحديات الضريبية لعصر الذكاء الاصطناعي: كيف تواجه الحكومات ثورة الأتمتة؟

لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بموقعها الريادي في مجال الإبداع التكنولوجي، بفضل هيمنة عمالقة التكنولوجيا السبعة: Alphabet، وAmazon، وApple، وMeta، وMicrosoft، وNvidia، وTesla. هذه الشركات تعيد استثمار مئات المليارات سنويًا، متجاوزةً ما تنفقه بعض الاقتصادات الكبرى، مثل الاتحاد الأوروبي، على البحث والتطوير.

ومع استمرار الطفرة التكنولوجية، يتزايد تأثير قطاع التكنولوجيا على الأسواق المالية، حيث يمثل الآن حوالي 30% من مؤشر S&P 500. لكن هذه الديناميكية تثير تساؤلات حول المخاطر المحتملة، خاصةً مع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره المربك على سوق العمل.

الذكاء الاصطناعي بين خلق الوظائف وإزاحتها

يؤمن المتفائلون بأن الأتمتة، كما حدث في الثورات التكنولوجية السابقة، قد تؤدي إلى فقدان بعض الوظائف، لكنها ستخلق صناعات جديدة تعزز النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، انخفضت نسبة العاملين في الزراعة في الولايات المتحدة من 40% في أوائل القرن العشرين إلى أقل من 2% اليوم، مع انتقال العمال إلى قطاعات أخرى مثل الخدمات، التي توظف الآن 80% من القوة العاملة الأمريكية.

لكن في المقابل، يخشى المتشككون أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى “نمو اقتصادي بلا وظائف”، حيث تذهب المكاسب إلى أصحاب رؤوس الأموال، بينما يواجه العمال صعوبة في إعادة الاندماج في سوق العمل. وفقًا لتقديرات بنك “جولدمان ساكس”، قد يتسبب الذكاء الاصطناعي في فقدان 300 مليون وظيفة بدوام كامل عالميًا، بينما يشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى فقدان 83 مليون وظيفة مقابل خلق 69 مليون وظيفة جديدة، ما يعني خسارة صافية تقدر بـ 14 مليون وظيفة.

هل تلوح زيادة الضرائب في الأفق؟

أمام هذه التحديات، تواجه الحكومات معضلة: كيف يمكنها تعويض فقدان الوظائف، منع الاضطرابات الاجتماعية، وضمان استمرارية الخدمات العامة؟ أحد الحلول المحتملة يتمثل في زيادة الضرائب على الشركات الأكثر ربحية، خاصةً عمالقة التكنولوجيا الذين يستفيدون من الأتمتة.

لكن هذا التوجه يطرح تساؤلين رئيسيين:

  1. مع تقلص القاعدة الضريبية بسبب ارتفاع البطالة، هل تصبح الشركات الهدف الرئيسي لرفع الضرائب؟
  2. هل يؤدي انخفاض الدخل المتاح للمستهلكين إلى تراجع الطلب وإبطاء النمو الاقتصادي؟

الشركات في مأزق مزدوج

تواجه الشركات تحديًا كبيرًا: إذا أرادت تجنب الضرائب المرتفعة، فقد تحتاج إلى الحفاظ على مستويات التوظيف المرتفعة، حتى وإن كان ذلك على حساب الكفاءة التشغيلية. وإذا تُركت البطالة الناجمة عن الذكاء الاصطناعي دون معالجة، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم عدم المساواة وتآكل الاستقرار الاجتماعي، ما قد يدفع الحكومات في النهاية إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لضمان توزيع أكثر عدالة لمكاسب الأتمتة.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 646

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *