التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم: فرص وتحديات

بعد ازدهار التعلم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة كوفيد-19، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم رغم الشكوك المستمرة حول فاعليته وفوائده التعليمية. وقد بدأت العديد من الدول بتوفير أدوات تعليمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في تطوير عملية التعليم.

في المملكة المتحدة، تم تطوير تطبيق “سباركس ماث” لمواكبة تقدم التلاميذ عبر خوارزميات ذكية، وأصبح شائعًا بين الأطفال وأولياء الأمور. وفي خطوة لتوسيع هذا الاتجاه، أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس الماضي عن استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (حوالي خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالمعلمين، بهدف مساعدتهم في إعداد المحتوى التعليمي.

هذا التوجه في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس مقصورًا على المملكة المتحدة فقط. ففي الولايات المتحدة، بدءًا من ولاية كارولاينا الشمالية، إلى كوريا الجنوبية، يجري العمل على إدخال الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية. وفي فرنسا، كان من المقرر إطلاق تطبيق “ميا سوكوند” الذي يقدم تمارين مخصصة لكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، ولكن تم تأجيل هذه الخطة بسبب التغييرات الحكومية الأخيرة.

التوسع في استخدام تكنولوجيا التعليم

تعتبر الشركات التقنية الكبرى مثل “مايكروسوفت” و”ميتا” و”أوبن إيه آي” أن التعليم هو سوق واعد، ولهذا فهي تستثمر بشكل مكثف في تطوير أدوات تعليمية قائمة على الذكاء الاصطناعي، وتروج لها في المؤسسات التعليمية. كما تعقد هذه الشركات شراكات مع الشركات الناشئة في هذا المجال.

ومع هذا التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي، يظهر القلق بشأن الدوافع التجارية وراء هذه الاستثمارات. وفقًا لمانوس أنتونينيس، مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في اليونسكو، فإن التعليم قد يصبح “حصان طروادة” الذي تستخدمه الشركات للوصول إلى المستهلكين في المستقبل. ويحذر من أن الشركات قد تستخدم البيانات التي تجمعها لأغراض تجارية، مع نشر خوارزميات قد تكون متحيزة، مما يجعل النتائج المالية أهم بالنسبة لها من تحسين النتائج التعليمية.

الانتقادات والمخاوف

رغم هذه التطورات، لا تخلو الابتكارات التكنولوجية في التعليم من الانتقادات. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، لم يحقق تطبيق “سباركس ماث” النجاح المنتظر، حيث أشار بعض أولياء الأمور إلى أنه “يدمر أي اهتمام بالموضوع” ويُحبط التلاميذ. إضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة من مركز “بيو ريسيرتش سنتر” أن 6% فقط من معلمي المدارس الثانوية في الولايات المتحدة يرون أن الذكاء الاصطناعي في التعليم له فوائد تفوق العواقب السلبية.

هناك أيضًا شكوك لدى بعض الخبراء حول فعالية هذه الأدوات في تحقيق التعليم الشخصي. فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يعد بتقديم تعليم مخصص لكل تلميذ، فإن مانوس أنتونينيس يشير إلى أن التعليم هو في الأساس عملية اجتماعية، حيث يتعلم الأطفال من خلال التفاعل مع بعضهم البعض. ويشدد ليون فورز، المستشار المتخصص في الذكاء الاصطناعي في التعليم، على أن هذه الأدوات قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، كما أن التكنولوجيا لن تتمكن من حل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يواجهها المعلمون والطلاب.

الخلاصة

بينما يعد الذكاء الاصطناعي خطوة نحو تطوير التعليم وتحسين تجربة التلاميذ، فإن هناك تحديات كبيرة تتعلق بكيفية دمج هذه التكنولوجيا بشكل فعال مع العملية التعليمية التقليدية. يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للتكنولوجيا أن تحل المشكلات الاجتماعية والتعليمية الأعمق التي يواجهها الطلاب والمعلمون؟

 

 

 

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 192

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *