في السنوات الأخيرة، بدأ الذكاء الاصطناعي يشق طريقه إلى العالم المادي، حيث لم يعد محصورًا في البرمجيات أو روبوتات المحادثة. هذا التوجه أصبح ملموسًا بشكل خاص في آسيا، حيث تعتزم الشركات الكبرى في المنطقة تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الروبوتات والأجهزة المادية.
آسيا تقود التحول إلى الذكاء الاصطناعي المادي
بحسب تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، جنسن هوانغ، في مؤتمر أقيم في تايبيه في يونيو الماضي، فإن “الموجة القادمة من الذكاء الاصطناعي هي الذكاء الاصطناعي المادي”، في إشارة إلى أن عصر الروبوتات قد بدأ. بينما كانت تغطي وسائل الإعلام في السابق تفاعلات الروبوتات والبشر في آسيا بشكل مبالغ فيه، يبدو أن هناك تحولًا حقيقيًا في المنطقة لتسريع دمج الذكاء الاصطناعي في العالم المادي.
الروبوتات في آسيا: المستقبل القريب
تتوقع مجموعة “سيتي غروب” أن يشهد العالم إنتاج 1.3 مليار روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2035، و4 مليارات روبوت بحلول عام 2050. تشير التقارير إلى أن الصين ستكون القوة الدافعة في هذا المجال، حيث تسيطر على 78% من براءات اختراع الروبوتات في العقدين الماضيين. ولقد كانت هذه الهيمنة الآسيوية واضحة حتى عندما تم تقييم الجودة.
دعم حكومي وتوجهات اجتماعية لاحتضان الروبوتات
يعود الفضل في هذا التطور إلى الدعم الحكومي الواسع في الصين، حيث يتم تخصيص أموال ضخمة للبحث والتطوير في مجال الروبوتات. هذا يعكس استراتيجية الدولة لدفع النمو التكنولوجي، وهو ما يضعها في موقع القيادة. في اليابان، على سبيل المثال، يسهم التحفيز المجتمعي وتحديات مثل شيخوخة السكان في تسريع استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. على عكس بعض الاقتصادات الغربية التي تشعر بالقلق من تأثير الأتمتة على فرص العمل، فإن هناك تقبلاً أكبر في آسيا لهذه التحولات.
نماذج تطبيقية واقعية
بينما لا يزال الذكاء الاصطناعي في مراحل مبكرة في بعض المجالات، بدأت بعض الشركات الآسيوية في استخدام هذه التكنولوجيا في تطبيقات فعلية. ففي شنزن، على سبيل المثال، تستخدم إحدى الشركات الناشئة روبوتًا للمساعدة في تحضير الطعام. كما قامت شركة “فوجيتسو” اليابانية بتطوير أداة لتعليم فن “نوه” التقليدي باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو مثال على تطبيقات ثقافية تُعزز بواسطة التكنولوجيا.
تسارع الابتكار والتوجه نحو الروبوتات الذكية
من الواضح أن الشركات الآسيوية بدأت في توجيه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نحو استخدامات عملية بشكل أكبر من تلك التي يتم استخدامها في الغرب. مثلما قامت “سوني” بتطوير جهاز الراديو الاستهلاكي من تكنولوجيا الترانزستور الأمريكية في وقت سابق، أصبحت الروبوتات الآن جزءًا من التطور التكنولوجي في آسيا، مع تطوير أول روبوت للقطاع الاستهلاكي في عام 1999.
تحديات وتوقعات المستقبل
ورغم التقدم الذي تحققه آسيا في هذا المجال، فإن هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها. فالتكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، والعديد من المشاريع الروبوتية التي انطلقت في السنوات الأخيرة قد تراجعت. ومع ذلك، فإن النموذج الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي يشير إلى إمكانية حدوث تحولات ضخمة في المستقبل القريب.
خاتمة: المستقبل يقترب بسرعة
بينما قد تكون بعض التوقعات حول الروبوتات مبالغ فيها، فإن تطور الذكاء الاصطناعي المادي في آسيا أصبح حقيقة واقعة، وهو على الأرجح سيغير العديد من جوانب الحياة اليومية في المستقبل. وعلى الرغم من أن الروبوتات لم تصل بعد إلى المستوى الذي قد يغير الحياة تمامًا، إلا أن التأثير الكبير لهذا المجال سيكون واضحًا في السنوات القادمة.