الذكاء الاصطناعي: ثورة تكنولوجية تهدد بتغيير ملامح الاقتصاد في الشرق الأوسط

يشهد الشرق الأوسط تسارعًا غير مسبوق في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تتدفق استثمارات ضخمة نحو مجالات البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والحوسبة السحابية. بينما تتسابق الحكومات والشركات في بناء بنية تحتية رقمية متطورة، أصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أمرًا حتميًا لضمان التنافسية في الاقتصاد العالمي الجديد. وفي ظل هذه الموجة المتسارعة، يتبادر سؤال محوري: من سيقود مستقبل الابتكار في المنطقة؟

إسهام الذكاء الاصطناعي في اقتصادات الشرق الأوسط

أفاد تقرير صادر عن شركة “برايتس وترهاوس كوبرز” (PwC) بأن إسهام الذكاء الاصطناعي في اقتصادات الشرق الأوسط سيبلغ 320 مليار دولار بحلول 2030. وهذا يبرز أهمية استثمار دول المنطقة في هذه الثورة التكنولوجية الجديدة، مع ضرورة الاستفادة من الفرص المتاحة لتحقيق النمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي.

ضرورة استثمار دول المنطقة في الذكاء الاصطناعي

أصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ضرورة ملحة لدول المنطقة لتعزيز قدرتها التنافسية، ودعم الجهود الرامية إلى تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط. ففي إطار مساعي دول مثل السعودية والإمارات لتطوير اقتصاداتها وجذب الاستثمارات الأجنبية، توفر البنية التحتية الرقمية المتقدمة دعمًا كبيرًا لتسريع التحول التكنولوجي.

أبرز المستثمرين في الذكاء الاصطناعي بالمنطقة

  • السعودية: تعتبر المملكة صاحبة أكبر استثمارات في التكنولوجيا الناشئة في المنطقة. في مارس 2024، أعلنت عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 40 مليار دولار مع “أندريسن هورويتز” (Andreessen Horowitz). كما تسعى المملكة لاستثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في مشروعات جديدة. شركة “آلات” السعودية، التي أُطلقت في فبراير 2024، تركز على تصنيع الإلكترونيات وأشباه الموصلات، وهي جزء من جهود المملكة لتحقيق أهداف رؤية 2030 في مجال الذكاء الاصطناعي.كما أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق شركة “هيوماين” التابعة لصندوق الاستثمارات العامة لتطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تسريع تبني هذه التقنيات في قطاعات حيوية مثل الطاقة والرعاية الصحية.
  • الإمارات: كانت الإمارات رائدة في هذا المجال حيث عينت أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم عام 2017، وأطلقت “استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031”. استثمارات الإمارات تشمل شركة “جي 42″، المدعومة من “مبادلة للاستثمار”، التي تخطط لضخ مليارات الدولارات لتوسيع استثماراتها في الولايات المتحدة.
  • قطر والمغرب: خصصت قطر 2.5 مليار دولار لبرنامج التحول الرقمي، بينما رصد المغرب 1.1 مليار دولار لاستراتيجية “المغرب الرقمي 2030”.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة

تشهد المنطقة استثمارات مستمرة في الذكاء الاصطناعي، حيث يُستخدم في قطاعات متعددة مثل الطاقة والرعاية الصحية والزراعة والتعليم. على سبيل المثال، تستفيد “أرامكو السعودية” من الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة المصافي والتنبؤ بمواعيد الصيانة، بينما تستخدم “إم 42” الإماراتية الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية.

التحديات التي تواجه دول المنطقة

رغم التقدم الكبير، تواجه المنطقة عدة تحديات في تبني الذكاء الاصطناعي، أهمها:

  1. الاستثمارات المحدودة مقارنة بالدول الكبرى.
  2. الاعتماد على التقنيات الخارجية، مثل الرقائق، مما يحد من القدرة على تطوير حلول محلية.
  3. قلة الكوادر المؤهلة في هذا المجال.
  4. القيود المفروضة على تصدير الرقائق، التي فرضتها الولايات المتحدة بسبب المخاوف من تسرب التكنولوجيا إلى الصين.

رغم هذه التحديات، تسعى دول المنطقة إلى تجاوزها من خلال تبني نماذج محلية مثل “فالكون” و”جيس” الإماراتيين و”علاّم” السعودي.

خاتمة

تسعى دول الشرق الأوسط بكل قوتها للاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي، وهو ما سيعزز من قدراتها التنافسية على الساحة العالمية. وبينما تواصل المنطقة تطوير بنيتها التحتية الرقمية، فإن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي سيظل خطوة محورية نحو تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي في المستقبل.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1320

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *