يشهد قطاع التقنية العالمي جدلاً محتدماً حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، حيث تتنافس رؤيتان متباينتان حول كيفية تطور هذه التكنولوجيا المتقدمة. وتتمثل الرؤية الأولى في هيمنة قلة من الوكلاء الرقميين ذوي القدرات الفائقة والمتعددة، الذين سيتحكمون في جوانب حياتنا الرقمية والواقعية. هؤلاء الوكلاء يشملون نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة مثل «تشات جي بي تي»، و«كلود»، و«غروك»، التي تسعى للتعامل مع مختلف المهام دون تخصيص محدد.
الرؤية الثانية: الوكلاء المتخصصون
في المقابل، تتوقع الرؤية الثانية مستقبلاً مليئًا بالمساعدين الرقميين المتخصصين الذين يتم تطويرهم لإتقان مهام محددة. هؤلاء المساعدون يتم استدعاؤهم فقط عند الحاجة إليهم، مما يتيح للمستخدمين تخصيص أدواتهم الرقمية وفقًا لاحتياجاتهم الدقيقة.
التسارع التقني والتحديات المستقبلية
رغم تنافس هذه الرؤى، يبدو أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيجمع بين النهجين المتنافسين. ومع التسارع الكبير في تطور التكنولوجيا، اعترف حتى الخبراء في المجال بعجزهم عن استشراف المشهد التقني في المستقبل القريب.
تحولات في الاقتصاد الرقمي: تسوق عبر الذكاء الاصطناعي
من أبرز التطورات التي تدعم فكرة الذكاء الاصطناعي “الكل في واحد”، إضافة ميزة التسوق إلى «تشات جي بي تي»، ما يعزز من قدرة الوكلاء الرقميين على إعادة تشكيل اقتصاد التجارة الإلكترونية. استخدام روبوت المحادثة للبحث عن المنتجات وتقديم التوصيات بالشراء يهدد بتغيير كامل في مسار العلامات التجارية وطريقة توجيهها للمشترين.
التطورات في الوكلاء الرقميين المتخصصين
في الجانب الآخر، يتشكل جيل جديد من الوكلاء الرقميين المتخصصين، الذين يستهدفون مجالات معينة بدقة، مع توفير تكاليف أقل بكثير في مرحلة التطوير والتشغيل. وخلال مؤتمر «لاماكون» الذي نظمته ميتا، تم تسليط الضوء على تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي ذات الأوزان المفتوحة، التي تتيح للآخرين تكييف النماذج واستخدامها حتى في غياب معرفة تفاصيل التدريب.
نماذج مفتوحة: أداة للابتكار والتطوير
لقد لاقت نماذج الأوزان المفتوحة التي طورتها ميتا اهتمامًا كبيرًا، حيث تم تحميل نماذج «لاما» نحو 1.2 مليار مرة في عامين فقط. ويُعد «التقطير» من أبرز تقنيات تعزيز الكفاءة، حيث يتم نقل الذكاء من النماذج الأكبر إلى نماذج أصغر، مما يسمح للمطورين بتكييف الأدوات لصالح تطبيقات متنوعة.
مرحلة ما بعد التدريب: الكفاءة والتخصص
يزداد تركيز المطورين الآن على ما بعد مرحلة تدريب النماذج العملاقة، حيث يتم استخدام تقنيات مثل «التعلم المعزز» و«وقت الاختبار» لتحسين أداء النماذج. وتتيح هذه التقنيات تحسين موثوقية النماذج التجارية، حيث تُستخدم بيانات الشركات لتشكيل النماذج وتحسينها بشكل متواصل.
الخلاصة: التكامل بين الذكاء الاصطناعي الشامل والمتخصص
في النهاية، مع تزايد الاهتمام بالنماذج المتخصصة، أصبح من الواضح أن الذكاء الاصطناعي سيجمع بين الوكلاء الشاملين والمتخصصين. ومع تراجع تكاليف تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن الشركات التي تمتلك القدرة على تصميم دمج الوكلاء الرقميين المتخصصين في عملياتها ستتمتع بميزة تنافسية كبيرة.




