لم يعد الذكاء الاصطناعي زيادة مترفة في مجال التعليم،
فقد صار في دول العالم
المتقدمة إحدى ركائز تحسين العملية التعليمية، وواحدة من أهم سبل تطوير المواد
الدارسية، ويعد من أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم ما يلي :
الإسهام في عمل خوارزميات في إقامة أدوات تعليمية تعمل على إعادة صياغة
المناهج التعليمية وبلورتها بما يتناسب مع اهتمام الطلاب، للوصول إلى أقصر
الطرق من أجل توصيل مواد الد ا رسة. تطوير القد ا رت الطلابية على التواصل
مع الأنظمة الشبيهة بالبشر، مما يعد أكبر محفز لهم ومعد ومجهز للتعامل
الفوري مع البشر في جميع المواقف اللغوية والاجتماعية، بما يساعد على تعزيز
القدرة على التواصل وزيادة المها ا رت الاجتماعية.
تطبيق (Thinkster ): هذا التطبيق يمزج بين منهج الرياضيات والتعلم الذاتي،
حيث يقوم بم ا رقبة المعالجة العقلية لكل طالب بإظهارها على شاشة الأيباد، كما
يعرض التطبيق للمستخدم أسئلة مختلفة مناسبة لقد ا رتهم وبمجرد كتابة الطالب
كيفية توصله للإجابة، يحلل البرنامج عمله ويحدد لماذا أخطأ في جزئية محددة
في حل السؤال.
شركة Aleks في أمريكا تم الاستحواذ عليها من الناشر (McGrew Hills)
لتحدد مدى استيعاب كل طالب لمفهوم رياضي معين بالذكاء الاصطناعي
وتقترح مسار تعلمي خاص به.
قامت اليونسكو بإنشاء مستودع رقمي عبر الإنترنت بالش ا ركة مع مؤسسة
إريكسون، بحيث يحتوي هذا المستودع على مواد تدريبية مرتبطة بالذكاء
الاصطناعي وغيره من الموارد التعليمية الأساسية الخاصة بالمها ا رت الرقمية،
والمجانية عالمياً. تتمثل أهداف هذا المستودع في دعم مصممي المناهج
الد ا رسية لمها ا رتهم في مجال الذكاء الاصطناعي، وتسهيلهم لدمج وحدات /
دو ا رت تنمية مها ا رت الذكاء الاصطناعي في مناهج المدارس أو المؤسسات
التعليمية الأخرى؛ تسهيل إعداد المدربين )الماجستير(؛ توفير الموارد المنسقة
التي يمكن ال وصول إليها بشكل مجاني حول الذكاء الاصطناعي في التعليم
للجميع .
طور فريق من الباحثين في الولايات المتحدة نموذجا للذكاء الاصطناعي يمكنه
التنبؤ بشكل أفضل بمدى احتياج الطلاب للمساعدة الأكاديمية عن طريق تقييم
أدائهم في ألعاب إلكترونية تعليمية . ويعتمد هذا النموذج على مفهوم التعلم
متعدد المهام، ويمكن استخدامه لتحسين عمليات التدريس والتعلم على حد سواء،
حيث يمكن التنبؤ بما إذا كان الطالب يمكنه الإجابة على الأسئلة الواردة في
الاختبا ا رت المختلفة اعتمادا على ردود فعله أثناء ممارسة لعبة تعليمية محددة
، وتعتمد الأنظمة الحالية على تقييم النتيجة النهائية للطالب بعد انتهاءه من
اللعبة الإلكترونية، ولكن المنظومة الجديدة تقوم بتقييم الطالب حسب إجابته
على كل سؤال على حدة “. ويؤكد فريق الد ا رسة أن النموذج الجديد يمكن
استخدامه لإخطار المدرسين إذا كان طالب معين يحتاج إلى مزيد من الاهتمام
الأكاديمي، كما يمكن استخدامه لتطوير طرق الشرح والتدريس في الفصول
الد ا رسية
ساعدت شركة مايكروسوفت على حل بعض المشكلات الخاصة بالترجمة
للطلاب مختلفي اللغة في الفصل الواحد ،او للذين يعانون من إعاقة سمعية،
حيث قامت بإضافة خدمة جديدة ) rPresentation Translato ( وهى
إضافة مكملة في برنامج “البور بوينت ” تعمل على اظهار شريط الترجمة في
شرائح العرض لما يقوله المعلم عبر الميكرفون في الوقت الحقيقي ، ويتم ذلك
عبر فتح تطبيق مترجم مايكروسوفت على أجهزة الطلاب ومسح الرمز الضوئي
الخاص بالعرض ، وبينما يتحدث المعلم تظهر الكلمات مباشرة عبر الشاشة
، وقد تفتح هذه الأدوات الباب امام الطلاب الذين قد لا يتمكنون من الذهاب
الى المدرسة بسبب الام ا رض او ظروف أخرى
تقوم شركات بإنشاء منصات محتوى ذكية متكاملة مع دمج المحتوى بتمارين
الممارسة والتقييم مثل برنامج Netex Learning الذي يتيح للمعلمين تصميم
مناهج رقمية ودمجها مع وسائط الصوت والصورة، بالإضافة إلى إمكانية التقييم
الذاتي
دور المعلم:
تعتبر معايير الجمعية الدولية للتكنولوجيا في التعليم الخاصة بالطلاب محفزة
للمعلمين لتحديد غاياتهم لتعليم طلابهم ممارسات، مثل الابتكار وإعادة التصميم، وحل
المشكلات. وسيؤدي تحقيق هذه الأهداف إلى خلق أساس متين لعمل الطلاب مع
الذكاء الاصطناعي . اضافة الى ان الذكاء الاصطناعي سيحول دور المعلم ليصبح أكثر
شمولية ، وسيختلف دوره من حيث قيمته العملية والتربوية، بحيث سيهتم أكثر بالبعد
الاجتماعي الذي لا ولن تتمكن الآلة من تعويضه، فأصل المثابرة والتحفيز في المدرسة
عند العديد من المتعلمين يبقى هو التفاعل الإنساني والاتصال البشري ، اضافة الى انه
سيوفر أدوات تمكن المعلمين من أداء رسالتهم بفاعلية أكبر و جهد أقل لأنه سيؤمن
جميع المعلومات التي سيحتاجها المعلم لتقييم أدائه وأداء طلابه وتحسينهما بسرعة
وفعالية
تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم:
بالرغم من الممي ا زت التي تم ع رضها سابقا الا ان هناك تحديات وصعوبات متوقعة
لتطبيق الذكاء الاصطناعي ويمكن ان تنعكس على العملية التعليمية والمجتمع بطريقة
سلبية منها ما يلي:
البنية التحتية التي يحتاجها العالم الرقمي، والحاجة إلى فصول مزودة بأجهزة
حواسيب متصلة بإنترنت عالي السرعة، وهو ما لا يتوفر لغالبية الطلبة في
القرى والأماكن البعيدة، وإذا كان الطالب سي ا رجع دروسه في المنزل أيضا فهو
يحتاج لتجهي ا زت مشابهة في المنزل، وقد تكون هذه الصعوبات في طريقها للحل
مع انخفاض تكلفة الأجهزة والاتصال، وتوافر شبكات الإنترنت المجانية،
وتحسن سرعة الإنترنت وأدائها في كثير من الدول العربية.
قد تكون المشكلة الأكبر نفسية، وهي إقناع المعلمين وأولياء الأمور بالتخلي
عن الطرق التقليدية في التعليم والانخ ا رط بحماسة في هذه الثورة الجديدة التي
تحمل كثي ا رً من المنافع للأجيال الجديدة وبالتالي للمجتمع ككل.
فهناك خطر قيام تقنيات الذكاء الاصطناعي بمحاكاة السلوك البشري عن كثب،
إذ يمكن أن تؤدي مجموعات التدريب التي تم اختيارها بشكل سيئ إلى
خوارزميات تولد المفاهيم البشرية والمفاهيم النظامية الحالية التي نحاول الخروج
منها. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي الاعتماد الكبير على ردود فعل الطلاب
والتغذية المرتدة منهم إلى خوارزميات تقدم لهم مادة علمية تمنحهم حياة د ا رسية
سهلة، بدلا من مادة علمية وتجربة د ا رسية تعطيهم ما سيساعدهم في تحقيق
إمكاناتهم، والذكاء الاصطناعي الذي لا ينتج نتائج غير متوقعة قد يستحق
فحصا دقيقا لمعرفة ما إذا كان قد وقع في هذه الاخطاء المحتملة .
الحاجة الى إعادة تأهيل المدربين والمعلمين وتطوير مها ا رتهم التقليدية لتتلاءم
مع تقنيات التعلم الحديثة
قراءة مقاطع كبيرة من الحاسوب يمكن ان تسبب اجهاد للعين
قلة الكوادر البشرية المدربة لتصميم واعداد المناهج بهذه الأنظمة
يعتبر تقليد السلوك الإنساني من خلال الب ا رمج الحاسوبية أم ا ر ليس باليسير،
ويجب ألا تغيب عن الأذهان التحديات التقنية والأخلاقية، وبصفة خاصة
الأمور التي تتعلق بالأمن، والبنية التحتية، والجوانب التشريعية عند استخدامها
في التعليم
فقدان بعض الوظائف الإدارية في التعليم سيتم استبدال الكثير من الوظائف
بعميل ذكاء اصطناعي يقوم بنفس المهام التي يقوم بها البشر، وبكفاءة أعلى
وتكلفة أقل بكثير ودون كلل أو ملل. مما يجعل الاستغناء عن الموظف هو
الحل الوحيد للمؤسسة التي تريد البقاء وتنافس البقية خاصة في التعليم الخاص.
زيادة الفارق في الدخل بين الأغنياء والفق ا رء حيث بسبب فقد الكثير من وظائفهم
سينتج عنه انخفاض دخل بعض الطبقات، يقابله إنتاجية عالية جدا من
الشركات، وبالتالي تحقيق أرباحا طائلة لبعض الشركات التي تسرع في تبني
هذه التقنيات النتيجة أن أرباب العمل ستزداد ثرواتهم بشكل كبير مثل شركة
أمازون بلغت قيمتها السوقية ترليون دولار، وزيادة الفارق في الدخل (income gap) يقلل من استقرار المجتمع ككل، وقد يسبب اضط ا ربات مما يستدعي
النظر المسبق في التداعيات .
انعدام الخصوصية الشخصية حيث أنه هذه الأدوات التقنية الجديدة تطلب من
المستخدم تزويد البيانات حتى تتيح توفير خدمات مقننة، إذا لم يزود العميل
بياناته الشخصية فلن يحصل على الممي ا زت التي يحصل عليها العملاء
الآخرين، مما يشكل ضغط من أجل التخلي عن الخصوصية وتزويد بعض
المواقع ببيانات شخصية من أجل ال ا رحة، وكثير من الأدوات التي نستخدمها
يومياً تنافي الخصوصية الفردية، لكن عادة يستغني الناس عن الخصوصية في
مقابل التواصل مع الآخرين وجودة الخدمة المقدمة، (trading privacy for convenience) وهناك الان بعض المحاولات لاستخدام تقنية البلوكتشين من
أجل وضع البيانات في محتوى الجميع وتطوير ذكاء اصطناعي دون منحها
للشركات مثل مبادرة Open Mined ، لكن ما ا زلنا في م ا رحل أولية .
قد لا تستطيع المؤسسات تحمل التكاليف المادية لتوفير التجهي ا زت في المدارس
وفى الجامعات، مثل توفير اخصائيي بيانات ومهندسين في البرمجة، توفير
رواتب المبرمجين العالية، ومجمعي البيانات، ش ا رء ب ا رمج حماية وغيرها لضمان
الأمان الرقمي، كل ذلك يزيد من الضغط على مي ا زنية التعليم او المؤسسات
التعليمية.
الحاجة الى تأهيل وتدريب المعلمين قبل إدخاله في المناهج الد ا رسية ليساعد
ذلك الطلاب على فهم أعمق وواضح لمفهوم الذكاء الاصطناعي، وإذا لم يكن
المعلمون ماهرين بما يكفي لجعل الذكاء الاصطناعي بسيطا للطلاب فسيعيق
ذلك تحقيق المزيد من التطوير
وفى النهاية تجدر الإشارة الى ان الذكاء الاصطناعي وتقنياته وتطبيقاته تتقدم
بسرعة كبيرة في قطاع التعليم وهو قادم لا محالة وبقوة ، وعلى قدر الفرص والإمكانات
التي يوفرها فانه يجلب مع تحديات خطيرة وتفتح مجال التساؤل عن قضايا هامة مثل
أهمية التفاعل البشرى في العملية التعليمية، حماية الخصوصية، ضمان الشفافية، مدى
القدرة على التحكم في استخدام التقنيات الجديدة ، إمكانية التلاعب في المناهج
والاخلاقيات المرتبطة بالتعليم ، لذا تبقى الحاجة قائمة الى اج ا رء نقاشات ود ا رسات
كثيرة حول المدى الذى يمكن ان يصل اليه استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم ،
وحدود قد ا رته الحالية، وكيفية الوصول الى اقصى استفادة من هذه القد ا رت .