طلب غير مسبوق على الكفاءات في الذكاء الاصطناعي التوليدي
رغم موجات التسريح التي ضربت قطاع التكنولوجيا مؤخرًا، إلا أن سوق العمل يشهد نقصًا حادًا في الكفاءات بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، وفقًا لتقارير حديثة من شركات استشارية عالمية.
وذكرت شركة “ماكينزي” أن الطلب على المهارات في هذا المجال سيتجاوز العرض المتاح بمعدل يتراوح بين الضعفين إلى أربعة أضعاف حتى عام 2027، ما يخلق فجوة كبيرة في سوق العمل التقني.
الشركات تواجه أزمة في توظيف المواهب التقنية
أشارت “ديلويت” إلى أن قادة الشركات يعتبرون نقص المواهب من أكبر التحديات أمام تنفيذ استراتيجياتهم المستقبلية، فيما يشعر الباحثون عن عمل بالإحباط نتيجة ضعف الفرص، في ظل عدم استعداد الطرفين لحل الأزمة.
وفي استطلاع أجرته “مان باور” على أكثر من 40 ألف شركة في 42 دولة، أبدى 74% من أصحاب العمل صعوبة في العثور على الكفاءات المناسبة، بينما وصف 60% من التنفيذيين نقص المهارات بأنه عائق رئيسي أمام التحول الرقمي.
الرواتب ترتفع لمواكبة الطلب على المهارات النادرة
أكدت شركة “باين آند كومباني” أن الرواتب في قطاع الذكاء الاصطناعي ارتفعت بنسبة 11% سنويًا منذ 2019، مع ازدياد الحاجة إلى مهارات عالية التخصص.
في حين أشارت “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC) إلى أن أصحاب المهارات مثل “هندسة التوجيه” (Prompt Engineering) يحصلون على علاوات تصل إلى 56% مقارنة بزملائهم، ارتفاعًا من 25% في العام السابق.
الذكاء الاصطناعي يدعم الوظائف ولا يلغيها
قال جو أتكينسون، رئيس الذكاء الاصطناعي العالمي في PwC، إن الذكاء الاصطناعي يعزز القدرات البشرية بدلاً من إقصاء الوظائف، من خلال دفع العاملين نحو أداء مهام ذات قيمة أعلى.
وأكدت سارة إلك، رئيسة أبحاث الذكاء الاصطناعي في “باين”، أن الذكاء الاصطناعي يقود التحول المؤسسي، لكن بدون كفاءات بشرية مناسبة لن تنجح الشركات في تحقيق نتائج ملموسة.
قفزة في الطلب على وظائف الذكاء الاصطناعي
أفادت كيلي ستراتمان من “إرنست ويونج” بأن نصف الشركات الكبرى التي يزيد عدد موظفيها عن 5000 شخص تستخدم الذكاء الاصطناعي فعليًا. كما ارتفع عدد الوظائف التي تتطلب مهارات AI بنسبة 2000% في عام 2024 وحده.
وتتوقع الدراسات أن يبلغ الإنفاق السنوي على مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي نحو 42 مليار دولار بحلول 2030، في مجالات مثل تحليل البيانات، الشات بوت، ووكلاء المهام الذكية.
المهارات المطلوبة تمتد من التقنية إلى المهارات الناعمة
لا يقتصر الطلب على البرمجة وهندسة التوجيه، بل يشمل أيضًا مهارات التفكير النقدي، التكيف، والذكاء العاطفي، مما يعكس أهمية التوازن بين الجانب التقني والبعد الإنساني في التعامل مع التكنولوجيا.
وتشير توقعات “باين” إلى أن الولايات المتحدة وحدها قد تحتاج إلى أكثر من 1.3 مليون موظف في وظائف الذكاء الاصطناعي خلال العامين المقبلين، بينما لن يتجاوز عدد المؤهلين 645 ألفًا، ما يفرض ضرورة إعادة تأهيل ما لا يقل عن 700 ألف موظف.
تدريب وتطوير المواهب لحل أزمة المهارات
دعت شركات الاستشارات إلى الإسراع بتأهيل الموظفين الحاليين، وتوسيع نطاق استراتيجيات التوظيف، وإعادة التفكير في آليات جذب والاحتفاظ بالكفاءات.
وأكد جاستن فيانيليو، المدير التنفيذي لشركة SkillStorm، أن التحدي الرئيسي ليس الأتمتة بل نقص المهارات، مشيرًا إلى أن الاستثمار في التدريب والشهادات المهنية هو الطريق الأمثل لسد الفجوة.
وأضاف: “نُدرب الفرق على أدوات مثل ChatGPT وClaude وCopilot لزيادة الإنتاجية، مع التأكيد على أن الإنسان هو صاحب القرار، والذكاء الاصطناعي مجرد مساعد، لا بديل”.




