الذكاء الاصطناعي يعزز دقة اكتشاف الزلازل الصغيرة في العالم

رصد الزلازل الصغيرة أصبح أسرع وأكثر دقة

في الأول من يناير 2008، هزّ زلزال صغير مدينة كاليفاتريا بولاية كاليفورنيا الأميركية، بقوة -0.53 درجة على مقياس ريختر، أي أقل من اهتزاز مرور شاحنة، ولم يشعر به السكان.

لكن العلماء تمكنوا من رصده بدقة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي غيرت طريقة رصد الزلازل بشكل كامل، وأصبح بالإمكان اكتشاف الزلازل الصغيرة جدًا بسرعة وكفاءة عالية، وهي المهمة التي كانت تتطلب سابقًا محللين بشريين وأجهزة متخصصة.

من التحليل التقليدي إلى التعلم العميق

قبل استخدام الذكاء الاصطناعي، كانت عملية رصد الزلازل تعتمد على محللين بشريين يدرسون البيانات الصادرة من أجهزة قياس الاهتزازات، أو ما يعرف بالسيسمومترات.

مع تطور الخوارزميات التقليدية، أصبح من الممكن أتمتة هذه العملية جزئيًا، لكن الزلازل الصغيرة غالبًا ما تضيع وسط الضوضاء اليومية في المدن، مما صعّب مهمة الرصد الدقيق.

نموذج Earthquake Transformer ثورة في رصد الزلازل

في عام 2020، طور باحثون من جامعة ستانفورد نموذجًا جديدًا للذكاء الاصطناعي يسمى Earthquake Transformer، يعتمد على تقنيات التعلم العميق المستخدمة في التعرف على الصور والأصوات، لكنه يحلل الاهتزازات الأرضية عبر الزمن بدقة متناهية.

يتيح هذا النموذج التمييز بين الأنواع المختلفة من الموجات الزلزالية مثل موجات P وS، وتحديد لحظة بدايتها بدقة، مما يزيد من قدرة أجهزة الرصد على اكتشاف عدد أكبر من الزلازل الصغيرة مقارنة بالطرق التقليدية.

وأشار جو بيرنز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة تكساس، إلى أن هذه التقنية شكلت “ثورة حقيقية” في علم الزلازل، لكنها ما تزال في مراحل التطوير والتحسين المستمر.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في دراسة البراكين

ساهمت هذه التقنيات أيضًا في رسم خرائط دقيقة لباطن الأرض والبراكين.
في عام 2022، استخدم باحثون من هاواي بيانات الذكاء الاصطناعي لتأكيد وجود قناة ماجما خفية تربط بين بركان ماونا لوا ومنطقة باهالا العميقة، وهو اكتشاف طالما كان محل جدل بين العلماء، مما يعكس دقة وفاعلية الذكاء الاصطناعي في دراسة الظواهر الجيولوجية المعقدة.

الذكاء الاصطناعي والتنبؤ بالزلازل

رغم النجاح الكبير في الرصد والتحليل، يظل التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها تحديًا لم يتم التغلب عليه بعد.

يستخدم العلماء الذكاء الاصطناعي اليوم لتحسين فهم أنماط النشاط الزلزالي، لكنه لم يصل بعد إلى القدرة على تحديد موعد حدوث الزلازل بدقة.

ويرى الخبراء أن هذه التقنية تمثل بداية مهمة، إذ يمكن لتقنيات التعلم العميق، التي غيّرت فهمنا للصور والكلام، أن تفتح الطريق قريبًا أمام أنظمة إنذار مبكر أكثر دقة، مما قد يقلل من المخاطر الناجمة عن الزلازل ويعزز الاستعداد للكوارث الطبيعية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في علوم الزلازل

يأمل الباحثون في تطوير نماذج أكثر تقدمًا للذكاء الاصطناعي تمكنهم من التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها، عبر تحليل أعمق للأنماط الزلزالية وتحسين قدرة الأجهزة على التمييز بين الاهتزازات الطبيعية والصناعية.

ومع استمرار الابتكار في هذا المجال، قد يصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية لإنقاذ الأرواح وتقليل الأضرار الناتجة عن الزلازل حول العالم، بما يجعل العالم أكثر أمانًا من الكوارث الطبيعية المفاجئة.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 883

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *