الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الاقتصاد والعمل.. بين التعطيل والابتكار

ثورة الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على سوق العمل

أصبح الذكاء الاصطناعي قوة دافعة نحو تغيير جذري في الصناعات وسوق العمل، حيث لم يعد يقتصر على المهام الروتينية، بل بدأ في التأثير على الوظائف المعرفية والمبتكرة. ورغم أن مفهوم الذكاء الاصطناعي يعود إلى منتصف القرن العشرين، إلا أن انطلاق “ChatGPT” من “OpenAI” في نوفمبر 2022 أدخله إلى صلب النقاش العالمي.

الذكاء الاصطناعي.. نقطة تحول اقتصادية

يرى أنيش رامان، كبير مسؤولي الفرص الاقتصادية في “LinkedIn”، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مجرد تطور تقني، بل “نقطة تحول” تدفعنا إلى إعادة التفكير في معنى العمل ذاته. فكما أحدثت الثورة الصناعية نقلة من العمل اليدوي إلى العمل المعرفي، فإن الذكاء الاصطناعي الآن يعيد تعريف دور الإنسان في بيئة العمل.

اقتصاد المعرفة في طريقه إلى الزوال؟

يعتقد رامان أن الاقتصاد المعتمد على المعرفة يواجه تحديًا وجوديًا بسبب الذكاء الاصطناعي. فبعد أن تحوّل العمل عبر القرون من المزارع إلى المصانع ثم إلى الاقتصاد الرقمي، يأتي الذكاء الاصطناعي ليحتل جزءًا كبيرًا من الوظائف الفكرية، مما يدفع البشر نحو التركيز على المهارات الاجتماعية والإبداعية. ويطلق رامان على هذه المرحلة الجديدة اسم “اقتصاد الابتكار”، حيث تصبح القدرات البشرية مثل الإبداع والذكاء العاطفي والاجتماعي عوامل رئيسية في نجاح الأفراد والشركات.

فتح آفاق الابتكار للجميع

يشير رامان إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل الابتكار متاحًا للجميع، بعدما كان محصورًا في فئات محدودة تمتلك الموارد والصلات المناسبة. فقد أظهرت دراسة اقتصادية أن الأطفال من العائلات ذات الدخل المرتفع لديهم فرصة أكبر بعشر مرات ليصبحوا مبتكرين مقارنة بأقرانهم الأقل دخلًا. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تمكين المبدعين من تحويل أفكارهم إلى مشاريع حقيقية دون الحاجة إلى دعم مالي ضخم أو فرق متخصصة.

تحولات سوق العمل.. التكيف أو الاندثار

مع تسارع التطورات، تتغير متطلبات الوظائف بسرعة، وأصبحت المهارات هي العامل الحاسم في النجاح المهني، وليس المؤهلات التقليدية أو الشركات السابقة التي عمل بها الفرد. ويرى رامان أن ما كان يُعرف بـ”المهارات الناعمة”، مثل التواصل والتفكير النقدي والتعاطف، باتت اليوم “المهارات الصعبة” الحقيقية التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدالها.

المستقبل لمن يتكيف مع الذكاء الاصطناعي

وفقًا لبيانات LinkedIn، فإن 90% من المديرين التنفيذيين يعتبرون تبني الذكاء الاصطناعي أولوية قصوى بحلول عام 2025، وترتفع النسبة إلى 94% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وهذا يعني أن النجاح في المستقبل سيتطلب من الأفراد والشركات التكيف مع هذه التكنولوجيا، سواء من خلال تعلم كيفية استخدامها أو تعزيز المهارات البشرية التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاتها.

الخاتمة: إما أن تبتكر أو يتم استبدالك

باختصار، الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح سوق العمل، ويجعل الابتكار في متناول الجميع، لكنه في الوقت نفسه يمثل تحديًا حقيقيًا للوظائف التقليدية. المستقبل سيكون لمن يواكب هذه التغيرات، فمن لا يطور نفسه قد يجد نفسه خارج اللعبة، كما يقول رامان: “إما أن تعطل نفسك أو تتعرض للتعطيل”.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 662

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *