تحولات في سوق العمل بسبب الأتمتة
أكدت الدكتورة منى نصر، أستاذة بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة حلوان، أن الذكاء الاصطناعي أحدث تحولات كبيرة في أسواق العمل، خاصة في مجالات التصنيع وخدمة العملاء وتحليل البيانات. وأشارت إلى أن الاعتماد على الأتمتة أدى إلى اختفاء عدد من الوظائف، حيث تتوقع الدراسات إمكانية أتمتة نحو 30% من الوظائف بحلول عام 2030.
في المقابل، يفتح الذكاء الاصطناعي أبوابًا لوظائف جديدة تتطلب مهارات في البرمجة وعلوم البيانات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وصيانة الأنظمة. ولفتت إلى أن منصات العمل المؤقت المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تساهم في تحسين توزيع فرص العمل، لكنها قد تزيد من انعدام الأمن الوظيفي وغياب الامتيازات الوظيفية.
الفجوة المهارية تهدد الفئات المهمشة
أوضحت الدكتورة منى أن أحد أكبر التحديات يتمثل في إعادة تأهيل العمال الذين يفقدون وظائفهم بفعل الذكاء الاصطناعي. وأكدت أن التفاوت الاقتصادي مرشح للتزايد، في حال لم تستطع الفئات المهمشة الوصول إلى برامج تدريب وتأهيل تسد الفجوة المتنامية في المهارات المطلوبة.
الذكاء الاصطناعي في التعليم: تطور يهدده التفاوت الرقمي
في مجال التعليم، أشارت الأستاذة الجامعية إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي تسهم في تخصيص التعليم للطلاب عبر منصات مثل “Khan Academy”، التي تكيّف المحتوى بما يلائم احتياجات المتعلمين الفردية، ما يضمن وصولًا أكثر عدالة إلى تعليم عالي الجودة.
لكنها حذرت من أن المجتمعات المحرومة قد تفتقر إلى البنية التحتية التكنولوجية اللازمة، ما يفاقم الفجوة الرقمية. كما نبّهت إلى أن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي قد يُضعف مهارات الإبداع والتفاعل البشري، خاصة مع غياب الإرشاد التربوي المباشر.
مخاطر الخصوصية تتطلب تشريعات صارمة
أثارت الدكتورة منى مخاوف تتعلق بخصوصية البيانات التعليمية، مؤكدة ضرورة سن تشريعات صارمة لحماية معلومات الطلاب من أي استخدام غير مشروع. وشددت على أهمية وجود توازن بين استخدام التكنولوجيا وضمان حقوق الأفراد.
الذكاء الاصطناعي بين الإنصاف والانحياز في المجتمع
رأت نصر أن للذكاء الاصطناعي آثارًا متناقضة على المجتمع، خاصة في قطاع الرعاية الصحية، حيث حسنت أنظمة الذكاء الاصطناعي نتائج التشخيص، لكنها قد تُظهر انحيازات في حال اعتمادها على بيانات تدريب متحيزة.
كما أشارت إلى أن خوارزميات التواصل الاجتماعي تعزز الاستقطاب وتؤثر على الرأي العام والديمقراطية، بينما تسهم تقنيات مثل التعرف على الوجه في تعزيز الأمن، لكنها تمثل تهديدًا واضحًا لحقوق الخصوصية.
التأثير البيئي: معضلة الطاقة والاستدامة
لفتت الأستاذة الجامعية إلى أن الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات بيئية كبيرة، حيث تستهلك مراكز البيانات المرتبطة به كميات ضخمة من الطاقة، ما يزيد من البصمة الكربونية. في المقابل، تبرز مساهمته في نمذجة المناخ والاستجابة للكوارث كوسائل لمعالجة الأزمات البيئية العالمية.
دعوة لحوكمة استباقية ومراعاة البُعد الإنساني
اختتمت الدكتورة منى نصر حديثها بالتأكيد على أن التأثيرات الاجتماعية للذكاء الاصطناعي تمثل مزيجًا من التقدم والمخاطر. وطالبت بصياغة سياسات توازن بين الابتكار التكنولوجي والقيم الإنسانية، مع ضرورة إرساء أطر أخلاقية واضحة وتوفير فرص متساوية وإطلاق مبادرات فعالة لإعادة التأهيل المهني.