الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خارطة السوق العقارية في تركيا

تركيا تطلق منصة رقمية جديدة لضبط سوق العقارات والحد من التلاعب السعري

أطلقت تركيا نظامًا رقميًا جديدًا تحت اسم “مركز معلومات القيمة”، يهدف إلى تنظيم سوق العقارات والحد من التلاعب السعري، وذلك بإشراف وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ.

ويُنتظر أن تبدأ المرحلة الأولى من المشروع في مدينة إسطنبول مطلع عام 2026، قبل أن يتم تعميمه تدريجيًا على جميع الولايات التركية بحلول منتصف عام 2027، ضمن مشروع “نماذج المدن ثلاثية الأبعاد” التابع للمديرية العامة للطابو والمسح العقاري.

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خارطة السوق العقارية

يعتمد النظام الجديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والخرائط التفاعلية لتقييم القيمة السوقية الحقيقية للعقارات في تركيا. ويوفر للمستخدمين قاعدة بيانات موحدة وموثوقة، تتيح مقارنة الأسعار وتحليل مؤشرات العرض والطلب وتقدير العائد الاستثماري.

ويساعد النظام في رصد السعر الفعلي لكل وحدة سكنية، ويعتمد على نموذج ثلاثي الأبعاد يحتوي على بيانات مثل المساحة والعمر الإنشائي ونوع الاستخدام والسجل الطابقي، مما يعزز من كفاءة اتخاذ القرار سواء للمواطنين أو المستثمرين أو الجهات الرسمية.

نهاية الفوضى السعرية والتهرب الضريبي

تهدف المنصة إلى القضاء على ظاهرة تسجيل العقارات بأسعار أقل من الواقع، وهي ممارسة كانت شائعة في السوق بهدف التهرب الضريبي وتسهيل البيع، ما تسبب في خسائر ضخمة للدولة وتقلبات حادة في السوق.

وتسعى الحكومة من خلال هذه المنصة إلى تعزيز العدالة الضريبية، والحد من احتكار مكاتب العقارات لتقدير الأسعار، وتقديم مرجع موحد يمكن الوثوق به في المعاملات العقارية.

أداة تخطيط عمراني وسياسات إسكان مستقبلية

من المتوقع أن تُستخدم بيانات النظام في رسم سياسات التحول الحضري وتخطيط مشاريع الإسكان الجديدة، وتقدير تعويضات نزع الملكية، لا سيما في المناطق المعرضة للزلازل أو ذات الكثافة العمرانية العالية.

كما تدعم المنصة الجهات البلدية في تحديد أولويات البنية التحتية وتقدير الضرائب بشكل أكثر دقة، مما ينعكس إيجابًا على كفاءة الإنفاق العام والتخطيط طويل المدى.

السوق العقارية تسجل نموا رغم التحديات الاقتصادية

أظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية نموًا ملحوظًا في سوق العقارات السكنية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، حيث بلغ عدد الوحدات المباعة 454 ألفًا و145 وحدة، بزيادة سنوية قدرها 27.9%.

وسُجل في شهر أبريل وحده بيع أكثر من 118 ألف وحدة سكنية، بارتفاع سنوي بلغ 56.6%، وهو ثاني أعلى معدل مبيعات شهري في تاريخ السوق التركية.

تشديد السياسة النقدية وتداعيات الزلازل تلقي بظلالها

رغم النمو، يُتوقع أن يشهد السوق بعض التباطؤ في الأشهر القادمة، لا سيما بعد رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة إلى 46%، مما قد يحد من قدرة المواطنين على الاقتراض العقاري.

كما أثر الخوف من الزلازل على اتجاهات الشراء، حيث زاد الإقبال على الوحدات الصغيرة المبنية وفق معايير مقاومة الكوارث، في مقابل تراجع الطلب على المساكن الكثيفة في مراكز المدن.

آراء الخبراء: خطوة واعدة ولكن النجاح مشروط بالتنفيذ

اعتبر المستثمر العقاري راتب القديسي أن النظام يشكل نقلة نوعية نحو الشفافية وضبط السوق، مؤكدًا أنه يعزز العدالة الضريبية ويمنع الاقتصاد العقاري غير الرسمي.

من جانبه، شدد الباحث الاقتصادي حقي إيرول جون على أن فعالية النظام مرهونة بمدى التزام الجهات المعنية باستخدامه، بالإضافة إلى وجود رقابة حكومية فاعلة، محذرًا من أن غياب ذلك قد يحول المنصة إلى مجرد مبادرة تقنية بلا أثر فعلي.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 884

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *