الذكاء الاصطناعي يغير مستقبل الصناعات الملوثة: من الموانئ إلى صناعة الصلب

تحسين أداء الموانئ باستخدام الذكاء الاصطناعي

تُعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي محركًا رئيسيًا لتحسين كفاءة العديد من الصناعات، وقد كان ميناء روتردام الهولندي من أوائل الأماكن التي اعتمدت التلغراف اللاسلكي في القرن الماضي. واليوم، يشهد الميناء تحولًا جديدًا، حيث يُستخدم نظام PortXChange الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل العوامل التي تؤثر في حركة السفن وانبعاثات الميناء وأوقات الوصول المتوقعة.

وقد ساعد هذا النظام في تقليل الهدر الناجم عن “التسرع والانتظار”، الذي يعتبر مصدرًا كبيرًا لاستهلاك الوقود الزائد. ويُستفاد من هذا النموذج بشكل كبير في الشركات الكبرى مثل “شل”، حيث ساعد في تقليل وقت ركن السفن بنسبة 20%، مما يعزز كفاءة العمليات في الموانئ عالميًا.

الذكاء الاصطناعي في صناعة الصلب

تُعد صناعة الصلب واحدة من الصناعات التي تساهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث تُنتج حوالي 10% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولكن بفضل الذكاء الاصطناعي، تم تحقيق تقدم في تقليل هذه الانبعاثات، حيث يتم استخدام التعلم الآلي في تحليل بيانات الإنتاج لمصانع الصلب. أحد الأمثلة البارزة هو استخدام شركة Gerdau البرازيلية للتعلم الآلي لتحسين جودة المعادن وتقليل استهلاك الطاقة.

من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل محتويات دفعات الخردة المعدنية، يمكن تحديد الحد الأدنى من المواد المضافة اللازمة لإنتاج فولاذ ذي جودة عالية. هذا النظام ساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 3.3% في مصانع الصلب منذ عام 2024.

تقديرات وكالة الطاقة الدولية

وفقًا لتقرير صادر في أبريل 2025، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية قد يوفر حوالي 8 إكساجول من الطاقة بحلول عام 2035، وهو ما يعادل استهلاك الطاقة في المكسيك حاليًا. كما أن الاستخدام الواسع في القطاعات غير الصناعية قد يوفر حوالي 5 إكساجول إضافية.

الذكاء الاصطناعي في صناعة التعدين

في قطاع التعدين، تسعى الشركات مثل Fortescue الأسترالية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة عمليات التعدين والطاقة. يتم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لأتمتة العديد من المهام مثل حساب استهلاك الطاقة ومسارات المركبات الثقيلة ذاتية القيادة. هذه التقنيات تُساعد الشركات في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

الذكاء الاصطناعي في المباني

تُعتبر المباني من أكبر مصادر انبعاثات غازات الدفيئة، لكنها أيضًا مجال مثالي للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، تمكّنت شركة BrainBox AI الكندية، التي استحوذت عليها شركة Trane Technologies الإيرلندية، من تطبيق أنظمة ذكية لإدارة أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء في أكثر من 600 متجر لشركة Dollar Tree. هذه الأنظمة الذكية ساعدت في توفير أكثر من مليون دولار في عام واحد من خلال تقليل استهلاك الكهرباء بمقدار 8 غيغاوات ساعة.

خاتمة

بفضل الابتكارات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في العديد من الصناعات، بات من الممكن تحسين الكفاءة وتقليل الانبعاثات الكربونية في مجالات كانت تُعتبر تقليديًا من أكبر المساهمين في تلوث البيئة. هذه التحولات التكنولوجية تشير إلى إمكانيات ضخمة في تقليل التأثيرات البيئية وتحقيق أهداف الاستدامة على مستوى عالمي.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 451

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *