الذكاء الاصطناعي يقود نمو الاقتصاد الأميركي ويعيد توزيع الاستثمارات

برز الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة كقوة صاعدة تعيد رسم خريطة النمو الاقتصادي، مع تركيز الاستثمارات على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بينما تواجه القطاعات التقليدية مثل العقارات والاستهلاك تحديات بسبب أسعار الفائدة المرتفعة والفوضى الجمركية.

طفرة استثمارية غير مسبوقة

وفق تقرير مجلة إيكونوميست، أصبح الاستثمار في مراكز البيانات وحواسيب الذكاء الاصطناعي المحرك الأكثر ديناميكية في الاقتصاد الأميركي، مع استثمارات هائلة في المعدات الطرفية، الشرائح المعالجة، ومراكز البيانات.

وتشير المجلة إلى أن مدينة أشبورن في شمال فيرجينيا تحولت إلى ما يشبه العاصمة العالمية لمراكز البيانات، حيث استهلكت هذه المنشآت وحدها أكثر من ربع إنتاج الكهرباء في فيرجينيا، بما يعادل استهلاك مدن كاملة.

مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي

تبرز بيانات إيكونوميست أن قرابة سدس الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام الماضي جاءت من الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما يشمل البنية التحتية والبرمجيات.

وعند احتساب تحديثات شبكات الكهرباء والقيمة الفكرية للبرمجيات، تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي إلى نحو 40% من نمو الناتج المحلي الحقيقي، رغم أن وزنه النسبي في الاقتصاد الكلي لا يتجاوز بضعة بالمئة.

كما ارتفعت الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى 1.5% من الناتج المحلي، وهو مستوى مشابه لذروة استثمارات الإنترنت في منتصف التسعينيات، مما يعكس حماسة مبكرة تفوق حتى بدايات شبكة الإنترنت.

توسع مراكز البيانات رغم التكاليف العالية

تموّل شركات التكنولوجيا العملاقة عادة بناء مراكز البيانات من أرباحها، لكن التوسع الحالي تجاوز القدرة على التمويل الذاتي، ما دفع الشركات إلى الاقتراض المكثف.

ورغم ارتفاع تكاليف الفائدة وأسعار الكهرباء، تستمر الشركات في تشييد مراكز ضخمة تستهلك طاقة تعادل استهلاك مدينة صغيرة، في سباق محموم على بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

آثار على القطاعات الأخرى

تعاني القطاعات التقليدية مثل البناء السكني من تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، حيث تراجعت وتيرة بناء المساكن، بينما ارتفعت الاستثمارات غير السكنية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بنسبة قاربت 30% على أساس سنوي.

كما أدى الطلب الهائل من مراكز البيانات إلى ضغط على شبكات الكهرباء، ما رفع متوسط فاتورة الكهرباء للأسر الأميركية بنسبة 7% منذ بداية 2025، فيما ظل الاستهلاك الحقيقي للأسر مستقراً، والاستثمارات غير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ضعيفة.

تحذيرات من فقاعة اقتصادية محتملة

تقارن إيكونوميست طفرة الذكاء الاصطناعي بفقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات، محذرة من أن أي تباطؤ في الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا قد يقلص الدعم الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي للاقتصاد الكلي.

وأضاف التقرير أن تباطؤ الاستثمار قد يخفف ضغوط أسعار الفائدة والطاقة، لكنه سيحرم الاقتصاد من محرك النمو الأبرز في ظل هشاشة بقية القطاعات.

واختتمت المجلة بتحذيرها:
“إذا بردت الرغبة في بناء مراكز البيانات، فلن تكون أشبورن وحدها من سيدفع الثمن، بل الاقتصاد الأميركي بأسره.”

 

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 883

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *