الانتشار السريع لمقاطع التزييف العميق على الإنترنت
يعجّ الإنترنت حاليًا بمقاطع مزيفة تُعرف باسم “التزييف العميق”، وهي صور أو مقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية تم إنتاجها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث يظهر فيها الأشخاص وكأنهم يفعلون أو يقولون أمورًا لم تحدث في الواقع، أو يظهرون في أماكن لم يكونوا فيها، أو حتى بمظهر مختلف كليًا.
تُستخدم هذه المقاطع غالبًا لأغراض خبيثة، مثل خداع الجمهور، أو الإساءة إلى سمعة شخصيات عامة مثل السياسيين والمشاهير، أو لأهداف احتيالية تستغل الثقة الرقمية المتزايدة. وقد ارتفعت محاولات الاحتيال باستخدام هذه التقنية أكثر من 20 ضعفًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
كيف تُصنع المقاطع المزيفة؟
يتم إنتاج فيديوهات التزييف العميق باستخدام برامج متقدمة تعتمد على التعلم العميق، وهي تدرّب أنظمتها على التعرف على الأنماط من تسجيلات حقيقية لأشخاص معينين، ومن ثم تستخدم هذه البيانات لاستبدال وجوههم أو أصواتهم بمحتوى مصطنع يبدو واقعيًا للغاية.
الأمر يصبح أكثر خداعًا عند دمج هذه التقنية مع تقنيات استنساخ الصوت، ما يُصعّب على غير المتخصصين التمييز بين الحقيقي والمزيف. ويُستغل الكم الهائل من الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على الإنترنت لتغذية هذه الخوارزميات.
مؤشرات تكشف التزييف العميق
رغم التطور الكبير في تقنيات التزييف العميق، إلا أن هناك علامات قد تساعد في كشف التلاعب، مثل وجود يد بها ستة أصابع، أو أطراف غير متناسقة، أو اختلافات واضحة في الألوان بين أجزاء الصورة.
أما في الفيديوهات، فقد يُلاحظ خلل بين الصوت وحركة الشفاه، أو عدم دقة في تفاصيل مثل الشعر والظلال وحواف الوجوه. هذه الفروقات الدقيقة قد تشكّل المفتاح لاكتشاف التزييف.
مخاوف من المستقبل: الحقيقة في خطر
الخطر الأكبر يكمن في أن تصبح مقاطع التزييف العميق واقعية إلى درجة يصعب معها التفريق بينها وبين الحقيقة. وما إن يُنشر مقطع مزيف على الإنترنت، حتى يصبح من شبه المستحيل إزالته أو الحد من انتشاره.
وقد يؤدي هذا التطور إلى تقويض الثقة في المحتوى الرقمي، بل ويمنح من يرتكبون مخالفات حقيقية ذريعة لإنكار الأدلة بحجة أنها مزيفة.
جهود لمكافحة التزييف العميق
على الرغم من صعوبة اكتشاف التزييف العميق، تعمل بعض الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الكبرى على تطوير أدوات وتقنيات متقدمة للكشف عن المحتوى المزيف.
ومن بين الجهود الواعدة، تعهدت شركات كبرى بتضمين علامات مائية رقمية داخل الصور المنتجة عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، لتمييزها عن الصور الحقيقية. كما طورت شركات أخرى تقنيات ذكية قادرة على رصد التزييف في النصوص والصور والفيديوهات، ضمن سباق تقني متسارع لحماية الحقيقة الرقمية.




