جهود فنية وقانونية لحماية الإبداع من الذكاء الاصطناعي
يخوض الفاعلون في القطاع الموسيقي – من فنانين وشركات إنتاج إلى مسؤولين منتخبين – معركة شاقة على أكثر من جبهة، لمواجهة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في سرقة المحتوى الموسيقي وتزوير الأصوات دون إذن أو إشراف، غير أن النتائج حتى الآن تبدو غير مرضية.
75 ألف مقطع مزيف حُذف.. لكن التحدي مستمر
كشفت شركة “سوني ميوزك” أنها طلبت إزالة أكثر من 75 ألف مقطع موسيقي مزيف من الإنترنت، ما يعكس مدى تفشي الظاهرة. وتؤكد شركات تكنولوجية مثل “بيندروب” أن هذه المقاطع رغم واقعيتها الظاهرة، إلا أنها تحتوي على أخطاء تقنية دقيقة يمكن رصدها، مثل اختلالات في التردد والإيقاع والتوقيع الرقمي.
مقاطع مزيفة على سبوتيفاي ويوتيوب
يكفي دقائق قليلة للعثور على أغاني مزيفة على منصات مثل سبوتيفاي ويوتيوب، منها أغنية راب وهمية للمغني الراحل “توباك” عن البيتزا، وأغنية من نوع “كي-بوب” بصوت يشبه أريانا غراندي، رغم أنها لم تؤدّها مطلقًا.
وتقول منصات مثل سبوتيفاي ويوتيوب إنها تأخذ الأمر على محمل الجد، حيث تعمل على تطوير تقنيات لرصد التزييف، فيما يُنتظر إعلان تحديثات جديدة قريبًا من يوتيوب في هذا السياق.
شركات تسجيل ترفع دعاوى قضائية ضد مطوري الذكاء الاصطناعي
في يونيو الماضي، رفعت كبرى شركات التسجيل دعاوى ضد شركة “أوديو” المطورة لتطبيق ذكاء اصطناعي، متهمة إياها باستخدام تسجيلات موسيقية محمية لتدريب نموذجها. القضية لا تزال قيد النظر، مثل قضايا مماثلة ضد شركات أخرى مثل “سونو”، وسط جدل قانوني حول مفهوم الاستخدام العادل (fair use) الذي قد يُعطّل تطبيق حقوق الملكية الفكرية.
خبراء قانون: غموض قانوني قد يصل إلى المحكمة العليا
يرى الخبير القانوني “جوزف فيشمان” من جامعة فاندربيلت، أن القضاء الأميركي يعيش حالة من “الغموض القانوني” بشأن التفسير المناسب لاستخدام الذكاء الاصطناعي للمحتوى المحمي. ويحذر من تضارب الأحكام القضائية، ما قد يستدعي تدخل المحكمة العليا لحسم الجدل.
البرلمان الأميركي.. نصوص لم تُفعّل وتشريعات معلقة
رغم رفع عدة مشاريع قوانين إلى الكونغرس لحماية حقوق الموسيقيين من الذكاء الاصطناعي، فإنها لم تُفعّل حتى اليوم، ما زاد من الإحباط داخل القطاع. وفي المقابل، أقرّت بعض الولايات قوانين محددة ضد “التزييف العميق”، أبرزها تينيسي.
“ميتا” تضغط.. وترامب يُتهم بدعم الانفلات التنظيمي
تشير تقارير إلى أن شركات كبرى مثل “ميتا” تضغط لتأكيد أن استخدام البيانات العامة في تدريب النماذج يدخل ضمن “الاستخدام العادل”، وهو ما قد يُضعف موقف الفنانين، خاصة إذا تبنّت إدارة ترامب القادمة هذه التفسيرات، مما قد يُرجح الكفة لصالح شركات الذكاء الاصطناعي.
المملكة المتحدة نحو تخفيف قوانين الملكية الفكرية
على الجانب الآخر من الأطلسي، تخطط الحكومة البريطانية لتخفيف قواعد حقوق النشر بما يخدم مطوري الذكاء الاصطناعي، وهو ما أثار موجة احتجاج من الفنانين، إذ أصدر أكثر من ألف فنان ألبومًا صامتًا بعنوان “هل هذا ما نريده؟” اعتراضًا على التوجه الحكومي.
مستقبل الإبداع الموسيقي في مهب الذكاء الاصطناعي
يؤكد المحلل “جيريمي غولدمان” أن القطاع الموسيقي لا يزال هشًا ومجزأً، وهو ما يعيق قدرته على مجابهة الزحف التكنولوجي السريع. ومع غياب تشريعات موحدة، وظهور أدوات جديدة يوميًا، تبقى الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت المعركة قد خُسرت قبل أن تبدأ.
