بريطانيا تطلق “إيزامبارد-AI”: أقوى حاسوب ذكاء اصطناعي في تاريخها

أداء خارق وتكلفة 225 مليون جنيه

أطلقت المملكة المتحدة رسمياً الحاسوب الفائق “إيزامبارد-AI”، الذي يُعد الأقوى في تاريخ البلاد على صعيد الذكاء الاصطناعي، وذلك في مركز الحوسبة المتقدمة بمدينة بريستول. بلغت تكلفة المشروع 225 مليون جنيه إسترليني، ويُعتبر خطوة استراتيجية في تعزيز البنية التحتية الوطنية للذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.

قدرات استثنائية وكفاءة عالية

يضم “إيزامبارد-AI” أكثر من 5400 شريحة من طراز GH200 “غريس هوبر” من إنتاج شركة “إنفيديا”، ويصل أداؤه إلى أكثر من 21 إكسا-فلوب، أي ما يعادل عمل 100 ألف حاسوب محمول في ثانية واحدة. يُصنف حالياً كأسرع حاسوب للذكاء الاصطناعي في بريطانيا، والحادي عشر على مستوى العالم.

ويعتمد الجهاز على التبريد السائل الذي يمنحه كفاءة طاقية بنسبة 90% مقارنة بالتبريد الهوائي، مع تشغيل كامل عبر طاقة كهربائية خالية من الكربون. كما صُمم المبنى بطريقة معيارية تقلل انبعاثات الكربون أثناء البناء بنسبة 72%، ويمكن استخدام الحرارة الناتجة عن تشغيل الجهاز في تدفئة المباني المحيطة.

منصة مفتوحة للأبحاث والتطوير

“إيزامبارد-AI” لا يقتصر على الاستخدام الحكومي أو الصناعي، بل يُتاح عبر منصة “مورد أبحاث الذكاء الاصطناعي” AIRR، إلى جانب الحاسوب الفائق “داون” في جامعة كامبريدج. ويهدف هذا التوجه إلى إتاحة القدرات الحوسبية المتقدمة للباحثين، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والقطاع العام.

تطبيقات تبدأ من المزرعة وتنتهي في المستشفى

تتنوع استخدامات الحاسوب من الزراعة إلى الصحة، حيث يُستخدم لتحليل فيديوهات لمراقبة أعراض التهاب الضرع لدى الأبقار، وتحسين تشخيص سرطان الجلد خاصة لدى أصحاب البشرة الداكنة. كما يُوظف في دعم مرضى ألزهايمر عبر تحليل الحركة البشرية، بالإضافة إلى تسريع تحليل صور الرنين المغناطيسي ونمذجة البروتينات.

نحو سيادة رقمية مستقلة

يمثل “إيزامبارد-AI” خطوة مركزية ضمن استراتيجية بريطانيا لتحقيق “السيادة الرقمية”، عبر إنشاء بنية تحتية وطنية لا تعتمد على خدمات حوسبة أجنبية. وتشمل الخطط المستقبلية توسيع مراكز الحوسبة إلى إدنبرة وإنشاء “مناطق نمو الذكاء الاصطناعي” جديدة لتحفيز الاستثمارات الخاصة.

وقد تم تنفيذ المشروع خلال أقل من عامين، وهو إنجاز يُعد نادراً على مستوى بناء مراكز البيانات عالمياً، بفضل اعتماد التصميم المعياري وتوريد المعدات بشكل متوازٍ.

ضمان الشفافية وتكافؤ الفرص

حذر خبراء من خطورة احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل فئات محددة. وأكدت البروفيسورة ديما دامن على أهمية ضمان الوصول العادل للموارد الرقمية، مشددة على ضرورة أن تكون قرارات الذكاء الاصطناعي مفهومة وقابلة للتفسير، خاصة في المجالات الحساسة مثل الصحة والسلامة.

مشاريع طموحة وتهيئة للكوادر البشرية

يفتح الجهاز الباب أمام مبادرات وطنية ضخمة، أبرزها مشروع “BritLLM” الذي يعمل على تطوير نموذج لغوي ضخم يدعم الإنجليزية والويلزية، ومشروع “Nightingale AI” الذي يستخدم بيانات هيئة الخدمات الصحية لتطوير أدوات تشخيص دقيقة. كما أطلقت جامعة بريستول برنامج ماجستير متخصص في الذكاء الاصطناعي لإعداد كوادر علمية قادرة على استثمار البنية الجديدة.

نقلة نوعية في البحث والتطوير

بفضل “إيزامبارد-AI”، لم تعد الأبحاث المتقدمة في بريطانيا بحاجة للاعتماد على مراكز بيانات خارجية، بل أصبح بمقدور الجامعات والمؤسسات العامة والخاصة الاستفادة من بنية تحتية فائقة الذكاء والسرعة داخل البلاد، ما يعزز موقع بريطانيا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

 

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 883

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *