بلومبرج: الذكاء الاصطناعي يدفع الطلب على الكهرباء

تقرير: مراكز البيانات تُبطئ تراجع الانبعاثات الكربونية رغم بلوغ الذروة في 2024

كشفت وكالة “بلومبرغ إن إي إف” في تقريرها الأخير عن “آفاق الطاقة الجديدة” أن الانبعاثات المرتبطة بقطاع الطاقة بلغت ذروتها على الأرجح في عام 2024، لكنها لن تتراجع بالسرعة المتوقعة خلال العقد المقبل. ويعود ذلك بشكل كبير إلى الارتفاع الحاد في الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات التي لا تزال تعتمد على مصادر الوقود الأحفوري.

 

يشير التقرير إلى أن الطلب العالمي على الكهرباء سيشهد قفزة ضخمة بفعل توسّع استخدام الذكاء الاصطناعي وانتشار مراكز البيانات، ما يدفع شركات التكنولوجيا لتأمين إمدادات مستمرة من الكهرباء على مدار الساعة. وبينما تلجأ بعض الشركات إلى الطاقة النووية، تفضّل أخرى الغاز الطبيعي كحل سريع وموثوق.

الطاقات المتجددة لا تكفي وحدها

رغم أن مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التخزين ستوفّر أكثر من نصف السعة الكهربائية المطلوبة بحلول 2035، إلا أن نحو ثلثي الزيادة في إنتاج الكهرباء سيأتي من الفحم والغاز. فمراكز البيانات قد تؤدي إلى إطالة عمر المحطات التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري.

تراجع بنيوي في الانبعاثات.. لكن ببطء

بحسب التقرير، من المرجّح أن يكون 2024 أول عام يسجّل فيه العالم تراجعًا بنيويًا في الانبعاثات الناتجة عن الطاقة، بمعدل يُتوقّع أن يصل إلى 13% بحلول 2035. إلا أن النمو الكبير في استهلاك الكهرباء، خصوصًا من مراكز البيانات، سيُبطئ وتيرة هذا التراجع.

انبعاثات مراكز البيانات سترتفع بـ3.5 جيغاطن

يتوقع التقرير أن ترتفع الانبعاثات الكربونية التراكمية بمقدار 3.5 جيغاطن خلال العقد المقبل بسبب توسع مراكز البيانات، أي ما يعادل 10% من إجمالي الانبعاثات العالمية الحالية، مع اعتبار الولايات المتحدة والصين أكبر مساهمين في هذا الارتفاع.

مراكز البيانات تغيّر مشهد الطاقة الأميركي

التقرير أشار أيضًا إلى أن الذكاء الاصطناعي أعاد رسم ملامح سوق الكهرباء في الولايات المتحدة، حيث يُتوقّع أن ترتفع حصة مراكز البيانات من 3.5% حاليًا إلى 8.6% من إجمالي الطلب الكهربائي بحلول 2035.

وتتصدّر أمازون مشغّلي مراكز البيانات في الولايات المتحدة، بسعة تصل إلى 3 جيغاواط، مع خطط لتوسيعها بـ12 جيغاواط إضافية، تليها مايكروسوفت، ميتا، وغوغل التابعة لشركة “ألفابت”.

الطاقة النظيفة.. استثمار استراتيجي لكنه غير كافٍ

ورغم استثمار شركات التقنية الكبرى منذ سنوات في مصادر الطاقة النظيفة، عبر اتفاقيات طويلة الأجل لشراء الكهرباء من مزارع الرياح والطاقة الشمسية، فإن نحو 70% من تلك الاتفاقيات تمت عبر شركات مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت وميتا، ما يمنحها مبرراً للادعاء بأنها تخفف الانبعاثات رغم اعتمادها الفعلي على شبكات كهرباء تعتمد على الوقود الأحفوري.

الاحترار العالمي قد يصل إلى 2.7 درجات

وحذّر التقرير من أن متوسط درجة حرارة الأرض قد يرتفع بـ2.6 درجات مئوية بحلول عام 2100، وفق سيناريو “التحوّل الاقتصادي” الذي يفترض استمرار السياسات الحالية دون تعديل، مع تغيّر أسعار وانتشار التقنيات. ويرى المحللون أن العالم يقترب من “مسار الانزلاق نحو 2.7 درجات مئوية”.

ضبابية في التقديرات المستقبلية

رغم أن مراكز البيانات تُعد “فرصة نمو هائلة” من حيث الطلب الكهربائي، إلا أن التقرير نبّه إلى أن تقديرات الطلب المستقبلي لا تزال غير مؤكدة وقابلة للتغير. ففي حين تروّج إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لمشروع “ستارغيت” ضمن استراتيجيتها لتوسيع مراكز البيانات وتعزيز استخدام الوقود الأحفوري، فإن شركات مثل مايكروسوفت بدأت بمراجعة خطط توسعها والتراجع عن مشاريع في عدة دول.

في المحصلة، تُبرز هذه البيانات التحدي الكبير الذي تواجهه البشرية في تحقيق توازن بين التطور التكنولوجي وتقليل الانبعاثات، وسط سباق محموم لتأمين الطاقة اللازمة لعصر الذكاء الاصطناعي.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 501

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *