مهنة الإعلام بين الماضي والتكنولوجيا الحديثة
لطالما كان السؤال حول تأثير التطور التكنولوجي على مهنة الإعلام مطروحًا منذ عقود، خاصة بعد أن كانت الصحافة تعتمد بشكل كامل على الورق والقلم، وكانت المطبعة ذروة التقنية آنذاك. ومع ظهور الحاسوب وانتشاره في غرف الأخبار، تغيرت آليات العمل بشكل جذري، خاصة مع تطور التحرير الصحفي المدعوم بالحاسوب.
ثم جاء الإنترنت ليحدث ثورة أكبر، حيث أصبح من الصعب تصديق أن العمل الإعلامي كان يتم بدونه حتى بداية الألفية الجديدة.
الذكاء الاصطناعي: تحديات وفرص جديدة في الإعلام
مع انتشار الحديث عن الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، ظهر اهتمام واسع بدراسة تأثيراته على العمل الصحفي، سواء من حيث الاستفادة من إمكانياته الكبيرة أو التحذير من مخاطره.
وقد نشر الصحفي عثمان كباشي ورقة بحثية بعنوان “الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار.. الفرص والمحاذير” تناول فيها الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي، حيث يمكن الاطلاع عليها عبر صفحته على لينكدإن.
كتاب “الذكاء الاصطناعي في الصحافة”: قراءة جديدة لصناعة الأخبار
صدر مؤخرًا كتاب “Artificial Intelligence in Journalism: Changing the News” للدكتور توني سلفيا، الذي يستعرض فيه التحديات الاجتماعية والقانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، ويجمع بين البحث الأكاديمي ومقابلات مع صحفيين وأكاديميين.
يطرح الكتاب أسئلة مهمة، مثل مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تقييم الأخبار، ومدى تأثيره على الديمقراطية، بالإضافة إلى مخاوف فقدان الوظائف بسبب قدرات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
مراحل تبني الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار
يشير الكتاب إلى ثلاث مراحل لاعتماد الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي:
- الأتمتة: تخفيف المهام الروتينية عن الصحفيين.
- التعزيز: استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والنصوص.
- التوليد: توليد النصوص بشكل كامل عبر نماذج الذكاء الاصطناعي، وهي المرحلة التي تثير القلق بين الصحفيين.
ويؤكد الكاتب على أهمية التدخل البشري لمراجعة محتوى الذكاء الاصطناعي تجنبًا للأخطاء والمشاكل المتعلقة بالملكية الفكرية.
كيف تغير الذكاء الاصطناعي مفهوم غرفة الأخبار؟
تغيرت غرفة الأخبار التقليدية مع انتشار العمل عن بُعد خلال جائحة كورونا، وأصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً رئيسيًا في إعادة تشكيل آليات العمل داخل المؤسسات الإعلامية، من جمع الأخبار إلى التحرير والعرض.
رغم مقاومة المؤسسات الصحفية التقليدية للتغيير، إلا أن الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة لا غنى عنها لتطوير صناعة الإعلام، مستفيدين في ذلك من تجارب استخدامه في صناعة الإعلان لتحقيق إيرادات جديدة.
التحديات الأخلاقية والسياسية للذكاء الاصطناعي في الإعلام
تزايدت المخاوف من استغلال الذكاء الاصطناعي لنشر معلومات مضللة، خاصة في الحملات الانتخابية مثل الانتخابات الأميركية 2024، حيث يمكن للأدوات التكنولوجية أن تخلق محتوى زائفًا يصعب كشفه.
تؤكد مؤسسات مثل معهد بروكينغز على ضرورة تعزيز محو الأمية الإعلامية، وتقوية الصحافة المهنية، وتعزيز التعاون بين شركات التكنولوجيا والمؤسسات الإعلامية لمكافحة الأخبار الزائفة.
الذكاء الاصطناعي والفرص المستقبلية في الصحافة الاستقصائية
على الرغم من المخاطر، يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في دعم الصحافة الاستقصائية، حيث يساعد في كشف المعلومات التي تحاول السلطات إخفاءها، ويزيد من كفاءة العمل الصحفي.




