14شهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً كبيراً في السنوات الأخيرة بفضل التقنيات الحديثة، وتعتبر تقنيات الذكاء الاصطناعي من أبرز المحركات لهذه التحولات. أصبحت هذه التقنيات جزءاً أساسياً في تحسين جودة الرعاية الصحية وكفاءة الخدمات المقدمة، خاصة في مجال تدوين الملاحظات الطبية.
تطوير عمليات تدوين الملاحظات الطبية باستخدام الذكاء الاصطناعي
يسهم الذكاء الاصطناعي في تسهيل جمع وتوثيق المعلومات الطبية بشكل دقيق، مما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات طبية مدعومة بالبيانات. وفي هذا السياق، يشير تقرير من صحيفة “فايننشال تايمز” إلى أن الاستثمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بتدوين الملاحظات الطبية شهدت نمواً كبيراً في عام 2024. وقد تضاعف الاستثمار في هذه التطبيقات، حيث تسابقت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون للحصول على حصة من سوق الرعاية الصحية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي الذي يقدر حجمه بحوالي 26 مليار دولار.
زيادة التمويل في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي الطبي
وفقاً لبيانات PitchBook، فإن الشركات الناشئة في هذا المجال، مثل Nabla و Heidi و Corti و Tortus، قد جمعت تمويلاً كبيراً بلغ 800 مليون دولار في 2024 مقارنة بـ 390 مليون دولار في 2023. ويأتي هذا الارتفاع في التمويل في وقت تتسابق فيه الشركات لإطلاق منتجات الذكاء الاصطناعي التي تساعد الأطباء في تسريع عمليات تدوين الملاحظات الطبية وتحسين التفاعل مع المرضى.
التقنيات الحديثة التي تستخدمها الشركات الكبرى
أطلقت شركات مثل مايكروسوفت، التي تمتلك شركة Nuance، وأمازون وأوراكل أدوات ذكاء اصطناعي للأطباء، مثل AI co-pilots، التي تستخدم نماذج لغوية كبيرة وتقنيات التعرف على الكلام لتوليد النصوص الطبية تلقائياً. يساهم ذلك في تحسين دقة التوثيق السريري وتخفيف العبء الإداري على الأطباء، مما يسمح لهم بالتركيز على تقديم الرعاية الطبية للمرضى.
التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات كبيرة يجب التعامل معها. من بين هذه التحديات، القلق من “الهلوسة” التي قد تولدها الأنظمة الذكية، وهي معلومات غير دقيقة قد تكون ضارة في المجال الطبي. كما تثير مسألة خصوصية بيانات المرضى مخاوف حول إمكانية تعرض هذه البيانات للاختراق.
فرص الذكاء الاصطناعي في تحسين الرعاية الصحية
الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي، يوضح أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم فرصاً كبيرة في تحسين قطاع الرعاية الصحية. هذه الفرص تشمل:
- تحليل الصور الطبية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل صور الأشعة والـ MRI للكشف المبكر عن الأمراض.
- تحليل السجلات الطبية: يساعد في التعرف على أنماط الإصابة بالأمراض والتنبؤ بالحالات المستقبلية.
- العلاج المخصص: يمكن تخصيص خطط العلاج استناداً إلى البيانات الجينية.
- المتابعة عن بُعد: التطبيقات الذكية تتيح للأطباء مراقبة صحة المرضى عن بُعد.
التحديات في تطبيق الذكاء الاصطناعي
رغم الفرص العديدة، فإن هناك تحديات تتعلق بالخصوصية والأمان، إضافة إلى التكاليف العالية في المراحل الأولية من تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي. كذلك، لا يزال هناك تفاوت في القدرات بين الدول المتقدمة والدول النامية في تطبيق هذه التقنيات.
النمو المتوقع في سوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية من 14.92 مليار دولار أمريكي في 2024 إلى 164.16 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، بحسب تقرير من marketsandmarkets. هذا النمو السريع يعود إلى عدة عوامل، من بينها زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في رعاية كبار السن والتوسع في إنشاء المنشآت الصحية.
التحول الجذري في الرعاية الصحية
الدكتور أحمد بانافع، الخبير في تكنولوجيا المعلومات، يصف التحول الذي يشهده القطاع الصحي بفضل الذكاء الاصطناعي بأنه جذري. من بين التحسينات التي يجلبها الذكاء الاصطناعي:
- التشخيص المتقدم: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية بدقة أكبر.
- خدمات التطبيب عن بُعد: توفر أنظمة الذكاء الاصطناعي توصيات فورية تساعد الأطباء في اتخاذ قرارات دقيقة.
- إدارة البيانات الضخمة: يساعد في استخراج الأنماط من البيانات الصحية الهائلة.
- الجراحات الدقيقة: تساهم الروبوتات الذكية في إجراء جراحات دقيقة تقلل من الأخطاء الطبية.
خلاصة
الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية يوفر فرصاً غير مسبوقة لتحسين كفاءة وجودة الخدمات الصحية، إلا أن الاستفادة الكاملة من هذه التقنيات يتطلب التغلب على تحديات عديدة، مثل الخصوصية، التكاليف، وضمان دقة الأنظمة الذكية.
