مع تسارع اندماج الذكاء الاصطناعي في أدوات العمل والدراسة والبحث، دقّ خبراء التعليم ناقوس الخطر بشأن تأثيراته السلبية على مهارات الطلاب الذهنية، وسط قلق متزايد من أن الاعتماد الزائد على هذه التقنيات قد يجعل الجيل الجديد أقل ذكاءً.
قفزة في استخدام الذكاء الاصطناعي بين المراهقين
أشارت تقارير حديثة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي بين الطلاب الأميركيين شهد قفزة ملحوظة خلال عام 2024. ففي حين لم يكن نصف المراهقين الأميركيين قد استخدموا هذه الأدوات بحلول أواخر 2023، أظهر استطلاع حديث لموقع أكسيوس أن 70% من الطلاب استخدموا أداة ذكاء اصطناعي واحدة على الأقل، وأكثر من نصفهم استخدموها لإنجاز الواجبات المنزلية.
خسارة مهارات التفكير النقدي
بحسب دراسة أجرتها شركة مايكروسوفت، فإن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي في المهام الفكرية يعرّض المستخدمين لخطر فقدان مهارات التفكير النقدي، بل ويولد لديهم شعورًا بالقلق وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل.
وأكدت جينا بارنابي، معلمة في ولاية جورجيا، أنها لاحظت أن طلابها باتوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي للقيام بمهام التفكير بدلاً عنهم، الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف قدراتهم الذهنية، بل ووصل الأمر إلى حالات غشّ صريح داخل الصفوف الدراسية.
وأضافت بارنابي أن الطلاب لم يطوّروا أدواتهم الفكرية الخاصة، وقالت: “إنهم كمن يُطلب منهم الركض لمسافة ميل، بينما لم يركضوا في حياتهم سوى 40 ياردة”.
الجدل يتصاعد: هل الذكاء الاصطناعي عدو أم حليف؟
على الرغم من هذه التحذيرات، فإن الجدل لا يزال قائمًا بشأن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي خطرًا أم أداة قوية يجب تعلم استخدامها.
وفي نقاش على منصة Reddit، أشار مشاركون إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يشبه استخدام الآلة الحاسبة، التي قيل عنها سابقًا إنها ستُضعف قدرات الناس في الحساب، لكن اتضح لاحقًا أنها أصبحت أداة مكملة للقدرات البشرية، وليست بديلة عنها.
لكن في المقابل، عبّر آخرون عن تخوفهم من أن منح نتائج جاهزة للطلاب قد يقتل دافع التعلم والتفكير المستقل لديهم، وهو ما قد ينعكس سلبًا على كفاءاتهم المهنية المستقبلية.
مستقبل الطلاب في سوق العمل.. على المحك
أكبر المخاوف، بحسب التقرير، هو أن هؤلاء الطلاب اليوم سيكونون موظفي الغد. وفي بيئات العمل التي تتطلب سرعة التفكير، والحلول الفورية، قد لا تكون أدوات الذكاء الاصطناعي متاحة أو مناسبة دائمًا.
ولذلك، قد يضطر أرباب العمل إلى إعادة تقييم سياسات التوظيف واختبار قدرات الموظفين على التفكير النقدي بشكل مستقل، دون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
خلاصة
في وقت تتسابق فيه شركات كبرى مثل “غوغل” و”مايكروسوفت” لدمج الذكاء الاصطناعي في كل نواحي الحياة، يبقى السؤال: هل نحن نُعزز ذكاء الأجيال القادمة أم نستبدله؟
الإجابة قد لا تظهر اليوم، لكن آثارها حتمًا ستُلاحَظ في قاعات الدراسة ومكاتب العمل خلال السنوات القادمة.