تزييف الحروب بالذكاء الاصطناعي.. معركة خفية تُهدد الحقيقة

مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، لم تعد المعارك تقتصر على الصواريخ والطائرات المسيّرة. إذ دخلت التكنولوجيا ساحة الصراع، وأصبح الذكاء الاصطناعي سلاحًا يُستخدم لتوليد صور وفيديوهات مفبركة تحاكي الواقع بدقة، ما يجعل التمييز بين الحقيقة والتزييف أمرًا بالغ الصعوبة، بل والخطورة.

كيف تُزيف صور وفيديوهات الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

شهدت السنوات الأخيرة تطورًا مذهلًا في أدوات التزييف، حيث ظهرت تقنيات مثل الشبكات العصبية التوليدية (GANs)، والتزييف العميق (Deepfakes)، التي تتيح تغيير ملامح الأشخاص وتحريك شفاههم وأصواتهم بشكل يصعب كشفه.

في الحروب، تُستخدم هذه التقنيات لتضليل الرأي العام وتوجيه السرد الإعلامي. ووفقًا لتحقيقات نشرتها The Guardian، تم تداول فيديوهات مفبركة لأطفال جرحى نُسبت زورًا إلى غزة، بينما روّجت جهات إسرائيلية مقاطع زائفة لعمليات قتل رهائن بعد هجمات 7 أكتوبر، بعضها تبنته شخصيات سياسية بارزة على منصات التواصل الاجتماعي.

من يقف وراء المحتوى المزيف في الحروب؟

تتنوع الجهات المنتجة لهذا المحتوى، من حكومات تسعى لتحقيق مكاسب سياسية، إلى مجموعات ضغط وحسابات دعائية تروّج لرواياتها الخاصة. والمقلق أن هذه الأدوات لم تعد حكرًا على الخبراء، بل باتت متاحة للعامة عبر تطبيقات مجانية، ما يُحوّل كل مستخدم إلى محتملٍ لصناعة وترويج محتوى مضلل.

هل يمكن كشف التزييف في صور وفيديوهات الحروب؟

رغم التطور الكبير، لا تزال هناك مؤشرات تساعد على كشف التزييف، مثل عدم اتساق الإضاءة أو الظلال أو تشوه التفاصيل الدقيقة. لكن مع تطور الأدوات، أصبح من الصعب اكتشاف بعض المحتوى حتى على خبراء التصوير والصحافة.

وقد أشارت MIT Technology Review إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح قادرًا على توليد وجوه وأحداث يصعب تمييزها عن الواقع. ورغم محاولات شركات مثل Adobe وMicrosoft عبر أدوات مثل “Content Credentials” و“Truepic”، إلا أن الانتشار لا يزال محدودًا مقارنة بسرعة التزييف.

ما خطورة تزييف محتوى الحروب بالذكاء الاصطناعي؟

التأثير لا يقتصر على خداع الجمهور، بل يمتد إلى زعزعة الثقة في الإعلام، وإرباك الصحافة الاستقصائية، بل وحتى عرقلة توثيق الجرائم والانتهاكات في المحاكم الدولية. كما تُضعف هذه الظاهرة من قدرة الجهات الإنسانية على إيصال معاناة المدنيين إلى العالم، في ظل سيلٍ من الصور والفيديوهات يصعب التحقق من صحتها.

هل يمكن كبح التزييف البصري في الحروب؟

السيطرة الكاملة تبدو شبه مستحيلة، لكن هناك محاولات تقنية وتشريعية جادة لكبح جماح هذه الظاهرة. فشركات كبرى مثل جوجل وأدوبي تعمل على تطوير معايير توثيق رقمية، بينما تسعى حكومات عدة إلى فرض تشريعات تُلزم المنصات بتحديد المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.

إلى جانب ذلك، يبقى الوعي العام والتفكير النقدي خط الدفاع الأول ضد سلاح التزييف، خصوصًا في أوقات الحروب والصراعات، حيث تتحول الصورة أحيانًا إلى أداة حرب بحد ذاتها.

 

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 884

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *