الذكاء الاصطناعي يغير العالم: ترقبٌ متزايد وتحذيرات من مستقبل مجهول
الذكاء الاصطناعي (AI) يمثل أحد أبرز التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم، حيث يؤدي دورًا متزايد الأهمية في جميع جوانب الحياة. وسط الابتهاج بالتقدم غير المسبوق الذي يتم إحرازه، هناك من يطلق التحذيرات حول التأثيرات المحتملة لهذه التكنولوجيا على مستقبل البشرية. يعبر بروفيسور توبي والش، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة نيو ساوث ويلز، عن قلقه من التغييرات الجذرية والمخيفة التي يمكن أن تحدث على مدى الثلاثين عامًا المقبلة نتيجة لتطور الذكاء الاصطناعي، كما نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
تحول جذري في طبيعة الحياة والعمل
يعتقد بروفيسور والش أن تعليم الآلات والأنظمة الذكية سيؤدي إلى تغيير جذري في طريقة حياتنا بحلول عام 2050. ويرى أن هذه الأنظمة قد تصل إلى مستوى من الذكاء يجعلها تتفوق على البشر في العديد من المهام، بما في ذلك الإدارة واتخاذ القرارات في مكان العمل. يرى والش أن الآلات ذات الذكاء الفائق يمكن أن تحل محل البشر في العديد من الوظائف، ليس فقط في المهام الروتينية، ولكن أيضًا في المهام التي تتطلب تفكيرًا وإبداعًا.
وفقًا لوالش، ستقوم الروبوتات بتنفيذ مهام كانت تتطلب سابقًا تدخل البشر، مثل التوظيف وإدارة فرق العمل، مما قد يؤدي إلى تغيير جذري في بيئة العمل التقليدية. هذا التحول قد يؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف، خاصة في القطاعات المكتبية والإدارية، حيث يمكن أن يتم استبدال الإنسان بالآلات المبرمجة.
تحولات في سوق العمل
تشير التقارير الحديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى استبدال نسبة كبيرة من القوى العاملة بالروبوتات. على سبيل المثال، تقرير صدر في مارس من هذا العام يشير إلى أن 38% من الوظائف في الولايات المتحدة قد يتم استبدالها بالروبوتات بحلول أوائل 2030. بالإضافة إلى ذلك، هناك تقديرات بأن أكثر من عشرة ملايين عامل في المملكة المتحدة قد يتم استبدالهم بالروبوتات خلال السنوات الـ 15 المقبلة.
التأثير على الكتابة والنشر
يتوقع بروفيسور والش أن تكون للروبوتات دور كبير في كتابة الأخبار وإنتاج المحتوى الإعلامي. هذا يمكن أن يؤدي إلى تغيير جوهري في كيفية إنتاج ونشر الأخبار، حيث قد تصبح الروبوتات قادرة على جمع المعلومات، وتحليلها، وكتابة التقارير الإخبارية دون تدخل بشري. هذا التحول قد يؤثر على قطاع الإعلام بشكل كبير، مما يؤدي إلى تغيير كيفية إنتاج المحتوى ونشره، وربما استبدال العديد من الوظائف في هذا القطاع.
تغيرات في الحياة اليومية والصحية
من المتوقع أن يشمل تأثير الذكاء الاصطناعي جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك الرعاية الصحية. الأدوات الذكية ستراقب عناصر الصحة الشخصية، حيث يمكن أن تقيس الملابس الذكية النبض وتقييم أنماط النوم. كما ستتضمن دورات المياه المستقبلية تقنيات لأخذ عينات البول والبراز بشكل تلقائي، بينما يمكن لكاميرات الهواتف الذكية مراقبة لون الجلد وفحص العيون.
القيادة الذاتية وتحسين السلامة
مع انتشار السيارات ذاتية القيادة، من المتوقع أن تنخفض نسبة الحوادث المرورية بشكل كبير، حيث تعتمد هذه السيارات على تحليل البيانات في الوقت الحقيقي لاتخاذ قرارات القيادة، مما يعزز من السلامة على الطرق ويقلل من الحاجة لتدخل البشر في القيادة.
التحديات الاجتماعية والنفسية
تتوقع بعض الدراسات أن زيادة استخدام التكنولوجيا الذكية قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية للأفراد. الضغوط الناتجة عن التفاعل المستمر مع التكنولوجيا قد تدفع الناس إلى الابتعاد عن الحياة الاجتماعية التقليدية وقضاء وقت أطول في العالم الافتراضي. بروفيسور والش يتوقع أن تصبح الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال غير واضحة، حيث سيتمكن الناس من خلق واستكشاف أوهامهم الخاصة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي.
الانعزال والانطوائية
قد يؤدي الانغماس المفرط في العالم الافتراضي إلى زيادة العزلة والانطوائية بين الأفراد، حيث يفضل البعض قضاء أوقاتهم في هذه العوالم الرقمية بعيدًا عن الواقع. هذا الاتجاه يمكن أن يثير قلقًا كبيرًا حول تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد.
التحديات القانونية والأخلاقية
واحدة من أكبر التحديات التي يتوقعها بروفيسور والش هي التحديات القانونية والأخلاقية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي. ستواجه المجتمعات الحاجة إلى وضع قوانين جديدة تنظم السلوكيات في العالم الافتراضي، بالإضافة إلى ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بالخصوصية وأمان البيانات.
الحروب الافتراضية
يتوقع والش أن تشهد المستقبل حروبًا تدور رحاها على الإنترنت، حيث يمكن أن تتحول النزاعات بين الدول إلى هجمات سيبرانية تستهدف البنية التحتية الرقمية للدول المعادية. الفضاء الافتراضي قد يصبح أيضًا ملجأً للأفراد للهروب من الموت عبر تحميل وعيهم على الإنترنت، وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الحياة والموت في العصر الرقمي.
النظر إلى المستقبل
بينما يحمل الذكاء الاصطناعي وعودًا كبيرة بتحسين حياتنا، فإن التحديات التي يفرضها تحتاج إلى معالجة جدية لضمان أن تكون الفوائد التي يجلبها هذه التكنولوجيا موزعة بشكل عادل ومستدام. مع استمرار التقدم في هذا المجال، سيكون من الضروري مواجهة التحديات الأخلاقية والاجتماعية والقانونية لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تعزز رفاهية الإنسان وتحمي حقوقه الأساسية.