ثورة الذكاء الاصطناعي تهز صناعة الإعلان وتُربك المستثمرين

أحدث الذكاء الاصطناعي تحولات جذرية في صناعة الإعلان، مثيرًا قلقًا متزايدًا بين المستثمرين وقادة القطاع، بحسب ما أكده مارك ريد، الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته لمجموعة WPP البريطانية. واعتبر ريد أن الذكاء الاصطناعي لا يغير قواعد اللعبة فحسب، بل “يُزعزع أعمالنا تمامًا”، مشيرًا إلى أن هذه التقنية تثير مخاوف عميقة في أوساط المستثمرين عبر مختلف القطاعات.

مخاوف من زعزعة نماذج العمل التقليدية

يتعرض قطاع الإعلانات لضغوط كبيرة بفعل تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي باتت قادرة على إنتاج محتوى بصري ونصي بجودة عالية وبوتيرة أسرع من أي وقت مضى. من بين هذه الأدوات: “DALL-E” من OpenAI، و”Veo” من غوغل، و”Midjourney”، والتي تتيح تصميم الصور والفيديوهات بشكل غير مسبوق.

وفي تصريحات نشرتها شبكة “سي إن بي سي”، أشار ريد إلى أن الذكاء الاصطناعي بات قادرًا على تقديم خبرات متقدمة في مجالات متعددة مثل الطب والقانون والتسويق والمحاسبة، بأسعار منخفضة، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للمهارات البشرية التقليدية في هذه المجالات.

اعتماد واسع داخل WPP

أكد ريد أن نحو 50 ألف موظف في “WPP” يستخدمون حاليًا منصة “WPP Open” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن التغيير الهيكلي في قطاع الإعلانات بدأ يفرض على الشركات إعادة النظر في نماذجها التشغيلية، بدءًا من إعداد الحملات ووضع الخطط الإعلامية، ووصولًا إلى تحليل النتائج وتحسين الأداء.

تحول شامل يشهده القطاع عالميًا

من جانبه، شدد موريس ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة Publicis Groupe الفرنسية، على أن القطاع يشهد “تحولًا هائلًا” بفعل الذكاء الاصطناعي، حيث تتيح الأدوات الجديدة تسريع إنتاج المحتوى وتحقيق تخصيص واسع النطاق في الرسائل الإعلانية.

إلا أن ليفي يرى أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كأداة داعمة وليس بديلًا للبشر، مؤكدًا أن “التقنية لن تقضي على الوظائف بقدر ما ستُعيد تشكيلها وتخلق أخرى جديدة”. وأضاف أن هذا التأثير يوازي ما أحدثته اختراعات سابقة مثل الإنترنت والهواتف الذكية في سوق العمل.

تحذيرات من رد فعل المستهلكين

وفي سياق متصل، أطلقت نيكول دينمان غرين، المحللة في شركة “جارتنر” للأبحاث، تحذيرًا للعلامات التجارية من خطر فقدان ثقة المستهلكين في حال تجاهلهم للأثر الاجتماعي لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

وأشارت إلى نتائج استطلاع رأي أجرته “جارتنر” في سبتمبر، كشف أن 82% من المستهلكين يطالبون الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بإعطاء الأولوية للحفاظ على الوظائف البشرية حتى لو انخفضت الأرباح.

وأكدت غرين على أهمية تطوير استخدام الذكاء الاصطناعي نحو خلق تجارب إعلانية أكثر ارتباطًا بالعلامة التجارية واحتياجات الجمهور، من خلال تقديم رؤى فريدة وتخصيص متقدم للمحتوى بما يتجاوز المفهوم التقليدي للتسويق.

مستقبل الإعلانات: توازن بين الإبداع البشري والقدرات التقنية

رغم ما يطرحه الذكاء الاصطناعي من فرص هائلة في تحسين الأداء والإنتاج، إلا أن التحدي الأكبر أمام قطاع الإعلان حاليًا يتمثل في إيجاد توازن ذكي بين تسخير إمكانيات التقنية والحفاظ على الطابع الإبداعي الإنساني الذي يُميز الحملات الناجحة، وسط تساؤلات متزايدة حول شكل الصناعة في السنوات المقبلة.

شارك هذا الخبر
إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

صحفي متخصص في التكنولوجيا

المقالات: 1319

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *