جامعات صينية تُجبر الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي.. لسبب مذهل

اختبارات إلزامية تضع الطلاب تحت ضغط غير مسبوق

في واقعة تعكس التحديات المتزايدة في عصر الذكاء الاصطناعي، فرضت جامعات صينية كبرى اختبارات إلزامية تهدف إلى كشف نسبة المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي في أطروحات التخرج.

الطالبة “شياوبينغ”، المتخصصة في الأدب الألماني، فوجئت بإشعار من جامعتها يلزم جميع طلاب السنة الرابعة بالخضوع لفحص محتوى الذكاء الاصطناعي، مع رفض تلقائي لأي أطروحة تتجاوز نسبة 30% من هذا النوع من المحتوى.

أدوات التحرير تطيح بنصف الأطروحة رغم كتابتها يدويًا

رغم أن شياوبينغ كتبت أطروحتها بنفسها، استعانت ببعض أدوات التحرير مثل ChatGPT وDeepSeek، ودفعت 10 دولارات لاختبار نصها على منصة رسمية، لتكتشف أن النتيجة أظهرت أن نصف أطروحتها “مولدة بالذكاء الاصطناعي”، ما شكل صدمة لها.

12 جامعة تفرض نسبًا صارمة.. والطلاب يواجهون “نتائج إيجابية كاذبة”

أكثر من 12 جامعة صينية، بينها فوتشو وجيانغسو وسيتشوان، حددت سقفًا صارمًا يتراوح بين 15% و40% للمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي. إلا أن طلابًا كثيرين ممن كتبوا أطروحاتهم بالكامل بأنفسهم، فوجئوا برفض أعمالهم بسبب ما تُعرف بـ”النتائج الإيجابية الكاذبة”.

منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بغضب الطلاب

عبّر العديد من الطلاب عبر منصات التواصل الاجتماعي عن استيائهم من اضطرارهم إلى تبسيط تعبيراتهم، خشية أن تبدو “ذكية أكثر من اللازم” وتُصنف بأنها غير بشرية. وسادت حالة من السخرية والارتباك، بعد أن أصبح اللجوء إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لإعادة صياغة النصوص يدويًا، الوسيلة الوحيدة لتجاوز أدوات الكشف.

حلقة تجارية مغلقة.. الشركات تبيع الحل والمشكلة معًا

في مشهد مثير للجدل، تُشير التقارير إلى أن بعض الشركات المطوِّرة لأدوات كشف الذكاء الاصطناعي، مثل CNKI وWanfang وChongqing VIP، توفر أيضًا خدمات مدفوعة للطلاب لمساعدتهم في تجاوز تلك الأدوات. هذا الواقع أفرز سوقًا مزدحمًا لخدمات “إعادة الصياغة”، بأسعار تصل إلى 100 دولار، بعضها يدعي أنه يُنجز “تحريرًا بشريًا” على يد طلاب دراسات عليا.

جودة متدنية وخسائر مالية للطلاب

لكن الجودة لم تكن مضمونة. إحدى الطالبات دفعت 70 دولارًا مقابل “تحرير يدوي”، لتكتشف لاحقًا أن الخدمة استخدمت ذكاءً اصطناعيًا بدائيًا، حيث جرى استبدال عبارة “ثلاث سكاكين” (زينة شعر تقليدية) بـ”أدوات بثلاث شفرات”، ما أثار سخرية زملائها. طالبة أخرى قالت إن أداتها غيّرت كلمة “شبه موصل” إلى “موصل 0.5”.

قرارات مفاجئة وغياب الشفافية في السياسات الجامعية

الطلاب اشتكوا من القرارات الجامعية المفاجئة، دون وجود أي تحذير مسبق بشأن حظر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث كان استخدامها يتم سابقًا بشكل علني.

ومع اقتراب المواعيد النهائية لتقديم الأبحاث، اضطر كثيرون لدفع المال لتعديل أعمالهم يدويًا أو إلكترونيًا، دون ضمان اجتياز الاختبار بنجاح.

خدعة “الفواصل بدل النقاط” تقلل نسبة الذكاء الاصطناعي

الطالبة شياوبينغ، وبعد محاولات عديدة لإعادة صياغة نصها، توصلت إلى حيلة غريبة تمثلت في استبدال النقاط بفواصل، ما أدى إلى خفض نسبة الذكاء الاصطناعي من 50% إلى 2%، وتمكنت من التخرج. لكنها صرحت: “أشعر وكأنني أُعاقب على كتابتي المُفرطة”.

جامعة نانجينغ تُقر بعدم دقة الأدوات وتدعو للحذر

في خضم هذه الفوضى، أصدرت جامعة نانجينغ بيانًا حثّت فيه أعضاء هيئة التدريس على عدم الاعتماد الكلي على نتائج أدوات كشف الذكاء الاصطناعي، معتبرة أن هذه الأدوات تفتقر إلى الدقة المطلوبة.

أصوات أكاديمية تطالب بالاعتدال بدلاً من التجريم

أحد الأساتذة في جامعة شاندونغ عبّر عن مخاوفه من هذه السياسات، قائلاً: “المشكلة أن هذه الإجراءات تُعلِّم الطلاب أن استخدام الذكاء الاصطناعي أمر مخجل”، وسط دعوات متزايدة لتطوير أنظمة تقييم أكثر عدالة تتماشى مع الواقع التقني المتسارع.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 884

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *