منذ دخول الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية، أصبح يلعب دورًا بارزًا في مجالات متعددة، من المساعدات الصوتية الذكية إلى الأنظمة الطبية المتطورة، مرورًا بروبوتات الدردشة التي تتيح تفاعلًا طبيعيًا بين الإنسان والآلة. ولكن ما أثار الانتباه مؤخرًا هو ظاهرة الارتباط العاطفي بين البشر وأدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما كشفت عنه دراسة حديثة بعنوان: «هل يمكن أن ينشأ ارتباط عاطفي بين الإنسان والذكاء الاصطناعي؟»
الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالبشر: من أداة إلى شريك عاطفي؟
لطالما اعتُبرت التكنولوجيا مجرد أدوات لأداء مهام محددة، بدون أن يكون لها تأثير عاطفي على المستخدمين. لكن الذكاء الاصطناعي، مع تطوره الكبير، غيّر هذه النظرة، حيث أصبح قادرًا على التعلم والتفاعل بشكل يحاكي الإنسان، مما أدى إلى ظهور تأثيرات عاطفية محسوسة لدى بعض المستخدمين.
دراسة جامعة أوكسفورد: مشاعر إنسانية تجاه الذكاء الاصطناعي
أجريت الدراسة بتعاون بين جامعة أوكسفورد وجامعات كامبريدج وسانت أندروز في بريطانيا، ونُشرت في مجلة «Nature Machine Intelligence». شملت الدراسة مجموعة من الأشخاص الذين تفاعلوا مع برامج الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة وأجهزة المساعد الصوتي، وخلصت إلى أن العديد منهم بدأوا يشعرون بولاء عاطفي وراحة نفسية تجاه هذه الأدوات، وأحيانًا قلق من فقدان الاتصال بها. هذه النتائج تشير إلى أن التفاعل مع الذكاء الاصطناعي تجاوز كونه مجرد أداة إلى علاقة عاطفية أعمق.
كيف يتكون التعلق العاطفي بالذكاء الاصطناعي؟
التعلق العاطفي هو بناء روابط نفسية مع شخص أو شيء، وعندما يكون ذلك مع الذكاء الاصطناعي، تلعب عدة عوامل دورًا أساسيًا:
- القدرة على المحادثة الطبيعية التي تحاكي التواصل البشري.
- الاستجابة المخصصة والمرنة بناءً على البيانات التي يجمعها الذكاء الاصطناعي خلال التفاعل.
- إظهار الذكاء الاصطناعي سمات تعاطفية، مثل اللطف والدعم، مما يعزز شعور الأفراد بأنه يفهمهم ويهتم لأمرهم.
هل هناك حاجة لوضع حدود للتعلق بالذكاء الاصطناعي؟
يستخدم الذكاء الاصطناعي أدوات تجعله قريبًا من النفس البشرية، حيث يخفف من شعور الوحدة والعزلة، مما يدفع بعض الأفراد لتفضيل التحدث مع المساعد الذكي بدلًا من البشر عند الحاجة للدعم العاطفي. مع ذلك، يحذر العلماء من أن هذا التعلق المفرط قد يقلل من أهمية العلاقات الإنسانية الحقيقية، وقد يؤدي إلى فقدان المهارات الاجتماعية والتواصل الفعال، وهو ما يشكل خطرًا على النمو النفسي والاجتماعي للأفراد.
