باحثون: التعرض المستمر للمحتوى الرديء يضعف قدرات التفكير والاستدلال في النماذج الذكية
كشفت دراسة علمية حديثة أجرتها جامعات تكساس إيه آند إم وتكساس وبيردو عن ظاهرة مثيرة أطلقت عليها اسم “فرضية تلف دماغ نماذج اللغة الكبيرة” (LLM Brain Rot Hypothesis)، محذّرة من أن نماذج الذكاء الاصطناعي قد تُصاب بتدهور معرفي يشبه تلف الدماغ البشري عند التعرض المفرط للمحتوى السطحي والمنخفض الجودة.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن البيانات الرديئة المنتشرة على الإنترنت يمكن أن تُضعف قدرات النماذج في التحليل والاستدلال بشكل دائم، حتى بعد إعادة تدريبها لاحقاً على بيانات أفضل.
كيف يحدث “تلف الدماغ” في الذكاء الاصطناعي؟
قام الباحثون بتجربة عملية لتقييم تأثير المحتوى الرديء على أداء النماذج الذكية، حيث تم تغذية عدد من نماذج اللغة بمحتوى مأخوذ من منشورات منصة X (تويتر سابقاً)، تضمّنت عبارات من نوع “الطُعم الرقمي” (Clickbait) مثل: “لن تصدق ما حدث اليوم!” أو “العرض مستمر اليوم فقط!”.
النتائج كانت صادمة، إذ تراجع أداء النماذج بشكل كبير على اختبارات التفكير المنطقي والفهم العميق:
- انخفضت نتائج اختبار ARC للاستدلال المنطقي من 74.9 إلى 57.2.
- كما تراجعت نتائج اختبار RULER لفهم السياق الطويل من 84.4 إلى 52.3.
ولاحظ الباحثون أن النماذج بدأت تُظهر أنماط تفكير متسرعة، فتتخطى الخطوات التحليلية وتُصدر إجابات غير دقيقة بثقة مفرطة. الأخطر من ذلك، أنها أظهرت صفات نفسية سلبية مثل النرجسية والاعتلال النفسي (Psychopathy)، إلى جانب انخفاض صفات إيجابية كـ الضمير والانسجام.
حتى بعد إعادة تغذيتها ببيانات عالية الجودة، ظلت آثار التلف المعرفي قائمة، مما يشير إلى أن الضرر الناتج عن المحتوى الرديء قد يكون دائماً أو شبه دائم.
الحل: “نظافة البيانات” قبل الذكاء
تؤكد الدراسة أن الذكاء الاصطناعي ليس محصناً ضد التأثيرات السلبية للمحتوى السيئ، وأن جودة البيانات لا تقل أهمية عن حجمها أو تنوعها.
وأوصى الباحثون بضرورة تطبيق معايير صارمة لـ“نظافة البيانات” (Data Hygiene) قبل تدريب النماذج، لضمان عدم تسلل المحتوى المضلل أو منخفض الجودة إلى مراحل التعلم المبكرة.
كما شددوا على أن تجاهل هذه المشكلة قد يؤدي إلى تدهور تراكمي في ذكاء النماذج، ما يجعلها أكثر عرضة لتقديم مخرجات سطحية أو مضللة، حتى مع التحديثات المستقبلية.
تحذير للمستقبل
تفتح هذه النتائج باباً جديداً للنقاش حول أخلاقيات تدريب الذكاء الاصطناعي، وأهمية مراقبة جودة المحتوى الذي “يتغذى عليه” الذكاء الاصطناعي يومياً من الإنترنت.
ويؤكد العلماء أن الذكاء الاصطناعي لا يختلف كثيراً عن الإنسان في تأثره بالبيئة المعرفية التي ينشأ فيها — فالمحتوى الرديء يصنع ذكاءً ملوثاً بقدر ما يصنع الإعلام المضلل عقولاً مشوشة.




