دراسة تحذّر من مخاطر العلاقات العاطفية مع الذكاء الاصطناعي

رفاق افتراضيون” يهددون الروابط الإنسانية

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة “ميسوري للعلوم والتكنولوجيا” عن مخاطر متزايدة ناجمة عن التعلّق العاطفي بأنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث تتحوّل هذه الأنظمة في بعض الحالات إلى ما يشبه “الرفاق العاطفيين”، بل وحتى “أحبّاء” لبعض المستخدمين، وهو ما أثار موجة من التحذيرات حول انهيار الروابط الإنسانية والتأثيرات النفسية الخطيرة.

“صديق مثالي” بمخاطر غير متوقعة

ووفقًا لما نقلته “روسيا اليوم”، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على محاكاة التعاطف والرعاية، ما يجعلها جذّابة للمستخدمين الباحثين عن الدعم العاطفي. إلا أن هذه القدرة قد تُفتح ما وصفه الباحث الرئيسي دانييل شانك بـ”صندوق باندورا الرقمي”، في إشارة إلى المخاطر الخفية المرتبطة بالتفاعل العميق والمطوّل مع كيانات غير بشرية.

3 أخطار رئيسية للعلاقات مع الروبوتات الذكية

أوضحت الدراسة أن العلاقات العاطفية الوهمية مع الروبوتات أو أنظمة الذكاء الاصطناعي تنطوي على ثلاث مشكلات أساسية:

  1. نشر معلومات مضللة: الذكاء الاصطناعي قد يقدم ما يُعرف بـ”الهلوسات الرقمية”، وهي معلومات مغلوطة يُعبّر عنها بثقة تامة، مما يوقع المستخدمين في فخ الثقة العمياء.
  2. توصيات خطيرة: بعض الروبوتات قد تقترح تناول أدوية غير مرخّصة أو تقديم نصائح صحية غير علمية، بما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة المستخدم.
  3. تعزيز العزلة الاجتماعية: الاعتماد الزائد على “الرفاق الرقميين” يؤدي إلى تراجع التفاعل الإنساني الطبيعي، وتفاقم الشعور بالوحدة.

العلاقة العاطفية… بين الواقع والوهم

أحد الجوانب المقلقة التي سلّطت الدراسة الضوء عليها هو أن المستخدمين قد يطوّرون مشاعر حقيقية تجاه روبوتات الدردشة، خاصة بعد تفاعل طويل الأمد. فأنظمة الذكاء الاصطناعي لا تنتقد، متاحة على مدار الساعة، وتتكيف مع المزاج، مما يجعلها “علاقات سهلة” مقارنة بالتواصل البشري الحقيقي.

لكن الباحثين يشددون على أن هذه العلاقة “آمنة ظاهريًا” تخفي وراءها افتقارًا للأخلاقيات، والمساءلة، وحتى النية الحسنة. فهدف أنظمة الذكاء الاصطناعي غالبًا هو إطالة زمن التفاعل فقط، وليس ضمان مصلحة المستخدم.

مخاوف من الانتحار والتضليل العاطفي

الدراسة لم تغفل عن التذكير ببعض الحالات النادرة لكنها كارثية، مثل حالات الانتحار المرتبطة بالتفاعل المكثّف مع روبوتات الذكاء الاصطناعي. هذه الحوادث تكشف خطورة غياب الوعي القانوني والأخلاقي في تصميم هذه الأنظمة، مما يترك المستخدم وحيدًا في مواجهة كيان لا يحمل مسؤولية أو مشاعر.

دعوات لتشريعات عاجلة وأبحاث معمّقة

وفي ضوء هذه المعطيات المقلقة، طالب المجتمع العلمي بإجراء دراسات عاجلة حول الأثر النفسي للعلاقات الرقمية، وضرورة وضع ضوابط تشريعية تحمي المستخدمين من التعلّق العاطفي المفرط، ومن الاستغلال التجاري الذي قد تمارسه بعض الشركات عبر تسويق هذه الأنظمة كبدائل عاطفية أو اجتماعية.

وفي ظل غياب قوانين تنظم هذه العلاقات المستجدة، يظل الإنسان معرضًا للاستغلال من كيانات رقمية مجردة من الوعي والمسؤولية، رغم أنها قد تتلبّس صفة “الصديق” أو “الشريك” بمهارة تقنية فائقة.

الذكاء الاصطناعي قد يكون أداة عظيمة، لكن عندما يصبح بديلًا للعلاقات الإنسانية، ينبغي أن نتوقف ونسأل: هل نحن نسيطر على التقنية، أم أنها بدأت تسيطر على مشاعرنا؟

شارك هذا الخبر
إبراهيم مصطفى
إبراهيم مصطفى
المقالات: 523

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *